كلّما ركبتُ إحدى طائرات ناقلنا الوطني، الخطوط الجوية العراقية، فكّرتُ بالاحتفاظ بالعلبة البلاستك التي يُقدّم فيها ما يسمى "وجبة طعام"، لكنني في اللحظة الأخيرة أعدل عن رأيي إما خوفاً من أن يتهمني أحد من طاقم الطائرة بالفساد الاداري والمالي (لأنني استحوذ على ما هو ملكية للخطوط)، أو خشية من ازدراء الركاب الآخرين لي بوصفي شخصاً غير محترم "فجعان" و"عيني ضيقة". فكرة الاحتفاظ بالعلبة مع "وجبتها" ترافقها فكرة أخرى هي زيارة وزير النقل، باقر جبر الزبيدي، رفيق النضال ضد دكتاتورية صدام حسين وشريك الحلم والوعد ببناء عراق مختلف كل الاختلاف عن عراق صدام حسين، وتقديم "الوجبة" بعلبتها إليه والطلب منه أن يتناولها، فإن أكلها واستطعمها أدركتُ انني على خطأ وكففتُ الى الأبد في الكتابة عن خدمات ناقلنا الوطني الذي كان في عهد صدام بين أفضل شركات الطيران في المنطقة لجهة خدماته وأصبح الأسوأ في عهدنا، عهد السيد الزبيدي وعهدي أنا أيضاً بوصفي ممّن كانوا يزيّنون للعراقيين الثورة على نظام صدام والإطاحة به والانضمام الى صفوفنا لنعوّضهم بنظام ديمقراطي، وإن عافتها نفسه – الوجبة- ولم يأكلها وضعتُه أمام مسؤوليته وإصدار الأوامر بأن تقدم الخطوط الجوية العراقية على متن طائراتها وجبة طعام قابلة للاستهالك البشري بخلاف ما هو حاصل الآن. انني أكتب هنا عن "الوجبة" المقدّمة في رحلات الخطوط الداخلية، فليست لديّ فكرة عن وجبات الخطوط الخارجية، إذ حتى الآن لم تؤاتني الشجاعة لأن أحجز لدى ناقلنا الوطني في رحلاتي الخارجية. لا أكتب الآن لأشكو، فيبدو ان الشكوى للخطوط الجوية العراقية ووزارة النقل وسائر مؤسسات الدولة وإداراتها مذلّة ما بعدها مذلّة. (ذات مرة كتبتُ منتقداً تردي مستوى الخدمة لدى إحدى المؤسسات الحكومية فكتب مديرها (السابق) رداً مشحوناً بالروح العدوانية بلغة خشنة وبذيئة الا ان أحد مساعديه أقنعه بكتابة ردّ جديد مهذب بحسب ما أسرني هذا المساعد). أكتب الآن لأقترح على إدارة الخطوط الجوية العراقية ووزارة النقل وقف تقديم "وجباتها" غير الصالحة للاستهلاك البشري وتحويلها الى النازحين.. لا أعني تقديم هذه "الوجبات" الى النازحين، فالنازحون بشر ووجبات الخطوط الجوية لا تصلح لهم أيضاً. إقتراحي هو أن تكون الرحلات الداخلية لناقلنا الوطني من دون وجبات أكل وأن تقدم الخطوط الجوية العراقية الأموال المرصودة لهذه الوجبات الى أحد صناديق مساعدة النازحين. (معظم شركات الطيران الأوروبية والأميركية لا تقدّم وجبات طعام مجانية في رحلاتها الداخلية). لا أظن ان راكباً واحداً على متن الخطوط الجوية العراقية سيحتج أو يعترض إذا ما أعلن مذيعو النشرات اثناء الرحلة ان الخطوط الجوية العراقية تعتذر عن عدم تقديم وجبات طعام في رحلاتها الداخلية، وانها قد تبرّعت نيابة عن ركاب طائراتها باثمان الوجبات الى النازحين ضحايا العدوان الداعشي الإرهابي. * نقلا عن "المدى" العراقية