تعرض العرب الأحواز في عبادان والمحمرة إلى مجزرة من قبل اللجان الثورية والجيش الإيراني راح ضحيتها أكثر من ٣٠٠ شخص، حدث ذلك والثورة الخمينية لاتزال في أوجها، أي بعد شهرين من وصول الخميني إلى طهران 1/2/1979.. وبالرغم من أن الأحواز قد دفعوا باتجاه إسقاط الشاه -الذي عاملهم بعنصرية عرقية لا مذهبية- إلا أنهم تفاجؤوا بمعاملة مماثلة من قبل النظام السياسي الجديد الذي كان قد وعدهم بالحصول على امتيازات سياسية إذا سقطت الامبراطورية الإيرانية، وهذا ما لم يحدث، واستمر العرب الأحواز إلى يومنا هذا يعانون من سياسة فوقية واضحة وصريحة بسبب عروبتهم. المفارقة هنا أن طهران، التي تحاول إظهار تعاطفها مع الشيعة العرب في عدد من الدول العربية، وتقديم نفسها لهم كراعٍ لمشاكلهم ومصالحهم، هي في الحقيقة عاجزة عن تقديم ذلك للعرب الذين يعيشون في إيران. الطائفية التي تستخدمها إيران في خطابها اليوم إنما ترمي من خلالها إلى تحقيق مصالحها السياسية لا لشيء آخر.. وإن نظرة فاحصة للسلوك الإيراني في المنطقة، يكشف لنا بشكل جليّ الأهداف التوسّعية التي صرح بها علي يونسي مستشار الرئيس حسن روحاني بأن "إيران اليوم أصبحت امبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي"، في إشارة إلى الامبراطورية الفارسية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها. إن تخوف إيران الحقيقي هو انطفاء نار الطائفية في المنطقة التي توفّر لها الحياة والديمومة والحضور، ولذا فلن تتوانى عن القيام بأي شيء في سبيل تأجيج هذه النار والحفاظ على اتقادها طويلاً ، ففي ذلك سبيل لتحقيق أغراضها وطموحاتها في المنطقة، ولنا في العراق عبرة وعظة. لقد أدى التعاطف الذي اكتسبته القضية الأحوازية مؤخراً ومن بعدها الكردية إلى حالة من الارتباك الذي تخشاه إيران التي يعيش فيها العديد من القوميات والأعراق بشكل قلق ومضطرب.