لا تزال زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة تطرح العديد من الأسئلة والتحليلات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي، بين بلدين لديهما ما يعانيان منه في هذا المجال. فيعود تقرير تحليلي نشره دويتش فيله عن آثار هذه الزيارة بالتاريخ إلى اللحظة التي طالب فيها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر الإتحاد السوفيتي لتمويل بناء السد العالي في خمسينيات القرن الماضي. فاليوم وبحسب التقرير يعيد التاريخ نفسه، إذ تعود القاهرة لموسكو لتساعدها في مجال الطاقة الذي تعاني منه منذ عدة سنوات. وألقى التقرير الضوء على توقيع الرئيس الروسي على مذكرة تفاهم لإقامة أول محطة نووية لإنتاج الطاقة الكهربائية في مصر. فضلا عن اتفاق الجانبان على توريد الغاز الروسي المسال إلى مصر لسد جزء هام من احتياجاتها خلال السنوات الخمس القادمة. وأشار التقرير إلى عشرات المؤسسات الصناعية والخدمية المصرية التي تم إنجازها في عهد الرئيس الراحل عبد الناصر بمساعدة الاتحاد السوفيتي سابقا، ومن بينها، على سبيل المثال لا الحصر، مصانع الحديد والصلب في حلوان ومجمع الألمونيوم في نجع حمادي ومصانع النصر للسيارات ومحطات لتوليد الطاقة ومد شبكات الكهرباء في مناطق مختلفة. ونظرا لقدم هذه المؤسسات هناك توجه مصري يقوده السيسي، الذي يرى مراقبون بأنه يشبه عبد الناصر في توجهه للاعتماد على روسيا في تحديث هذه المؤسسات بعد مرور عقود على إنشائها وتشغيلها. على صعيد آخر تزداد الصادرات الزراعية المصرية إلى روسيا بشكل سريع بعد قرار روسيا بالتوقف عن استيراد الخضار والفواكه من الاتحاد الأوروبي ردا على العقوبات الغربية ضدها بسبب الأزمة الأوكرانية. لكن هذا التطور السريع في العلاقات الثنائية، لازال متواضعا مقارنة بعلاقات مصر مع الاتحاد الأوروبي، خاصة وأنه حديث العهد كما أشار التقرير، ففي عام 2013 على سبيل المثال بلغ حجم التجاري بين الاتحاد ومصر حوالي 22.8 مليار يورو مقابل حوالي 2.5 مليار يورو للتبادل التجاري الروسي المصري. أعتبرت دويتش فيله أن مقارنة علاقات مصر بروسيا بعلاقاتها السياسية والاقتصادية المتشعبة والشاملة مع الغرب، تعتبر علاقاتها مع روسيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي محدودة ومتواضعة. ونظرا للارتباط التاريخي والبنيوي والعميق للاقتصاد المصري بالاقتصاديات الغربية أكثر من أية اقتصاديات أخرى فإن علاقات مصر الاقتصادية مع الغرب ستبقى الأهم على الصعيد الدولي. لكن البرود في العلاقات المصرية الغربية بعد وصول عبد الفتاح السيسي إلى السلطة، فضلا عن فرض عقوبات غربية على الدب الروسي على خلفية الخلاف الروسي الغربي حول الأزمة الأوكرانية، جعل من الطرفين يبحثان عن تنويع علاقتهما الدولية سياسيا واقتصاديا، بحسب ما أشار التقرير.