الإسلام هو دين البناء والإعمار لا دين الهدم والتخريب، وشواهد التاريخ نراها اليوم في حواضر عدة داخل الوطن العربي وخارجه، بل إن فن العمارة الإسلامي هو جزء مهم من الأسلوب العمراني الذي لا يزال رائجاً إلى يومنا هذا.. ورمزية الإعمار لم تكن يوماً فقط طوباً وزخارف بقدر ما كانت أخلاقاً وأسلوباً وتكاتفاً وطريقة تعامل ومساواة، يتجلى ذلك المشهد بكل أبعاده في الحرمين الشريفين، فالمشاهد التي تنقلها شاشات التلفزيون قبل الإفطار والروحانية الطاغية التي نراها في وجوه المعتمرين والمصلين والزائرين للحرمين، والانسجام والتآخي وانعكاس ذلك طمأنينة وراحة وحماساً في ذات الوقت يترجم أعمالاً خيرة يرغب الجميع في المشاركة بها ويتصدى لها القائمون على الحرمين من مؤسسات رسمية وأهلية وفردية كل ذلك يمكن أن نضعه في خانة يمكننا وصفها بعمارة النفس؛ التي تعني الخير وحب الناس والرغبة في مد يد المساعدة، ولا عجب فهو شهر العطاء والبركة. تسخّر الدولة اليوم كل إمكانياتها في سبيل الإعمار المادي والمعنوي فهي تدفع بكل إمكانياتها المادية ليحصل الإعمار المعنوي، فالأعداد المتزايدة في أعداد المسلمين حول العالم، والتي تتدفق شوقاً ورغبة في زيارة الحرمين فرضت واقعاً يجب أن نتكيف معه وهو ما يحدث اليوم من خلال التوسعة العمرانية والخدمية في مكة والمدينة. تقوم المملكة بذلك بكل فخر ورغبة صادقة وهي ترى كيف يتحقق اجتماع المسلمين وانعقاد كلمتهم وقرارهم وتكاتفهم في مكة والمدينة بعيداً عن الفرقة والتحزب الذي يسود المشهد العربي الحالك التائه في دهاليز السياسة وألاعيبها. يحدث ذلك، في وقت يعبث شرذمة باسم الإسلام وعظمته وسماحته وسلامه، يهدمون ويحرقون ويوقدون نار الكراهية والطائفية في نفوس أبناء البلد الواحد، ويهدمون ما بنته حضارة المسلمين ويطفئون ما أنارت، فيغدو الإسلام في نظر غير المسلمين مشوشاً ومشوهاً وظلامياً بفضل أولئك الذين أبدعوا في قتل الناس وامتهان كرامتهم والتنكيل بتعذيبهم والتفنن في إزهاق أرواحهم ويفاخرون في ذلك وينشرونه بتقنيات العصر وأدقها وأسرعها، وبئس الصنيع، كل ذلك يتم باسم الإسلام والإسلام منه بريء.