قانون «مكافحة الإرهاب» الجديد، الذي تسعى الحكومة المصرية الى تمريره، واجه مشكلة مع نقابة الصحافيين، التي رأت أن بعض مواده يؤدي إلى فرض قيود على حرية جمع المعلومات ونشرها، ويعاود تفعيل قيود قديمة على حرية الصحافة، معتبرة هذه المواد مخالفة للدستور. وتضمّنت المادة 33 من القانون الجديد تقييداً للعمل الصحافي، وجعلت الاجتهاد في جمع المعلومات جريمة يُعاقِب عليها القانون، وذكرت أنه «يعاقب بالحبس الذي لا تقلّ مدته عن سنتين، كل من تعمّد نشر أخبار أو بيانات غير حقيقية، عن أي عمليات إرهابية، بما يخالف البيانات الرسمية الصادرة عن الجهات المعنية، وذلك من دون إخلال بالعقوبات التأديبية المقررة في هذا الشأن». تقليص درجات التقاضي كان الهدف الأبرز والدافع الأهم وراء طرح القانون الجديد، خصوصاً بعد اغتيال النائب العام هشام بركات، وزيادة الأعمال الإرهابية التي تستهدف أمن مصر، فضلاً عن أن القانون اهتمّ بقضية التحريض، وساوى بين عقوبة الجاني والمحرّض على جرائم الإرهاب، ووضع عقوبات رادعة على الترويج، في شكل مباشر أو غير مباشر، لارتكاب جريمة إرهابية، لكنه كان متشدداً في قضايا النشر وخلق أزمة، ما كان ينبغي أن تحدث مع الصحافيين. معظم دول العالم، حتى الغربية منها، أقرّ قوانين لمكافحة الإرهاب أشبه بقوانين الطوارئ، ولم يواجه اعتراضات، بحكم أن هذه القوانين فرضتها ظروف استثنائية، ولعلّنا نذكر الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة الأميركية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر). ومصر تواجه اليوم حرباً ضارية مع الإرهاب وهي في حاجة إلى قانون يحمي استقرارها، لكن الإعلام قضية مختلفة، فالتضييق عليه ومنعه من الاجتهاد والتحرك، سيفقدانه صدقيّته أمام الجمهور، ويمنحان الإعلام المضاد فرصة أكبر لتمرير ما يريد، في وقت تبدو الدولة أحوج ما تكون إلى نقل المعلومات بشفافية ومن دون تزييف أو تضخيم، فضلاً عن أن التضييق على الصحافة في ظرف محدّد يخلق ثقافة يصعب تغييرها لاحقاً. قانون «مكافحة الإرهاب» الجديد في مصر واجه اعتراضات من أطراف حقوقية وقانونية، على تقليص خطوات التقاضي، وعدم المساءلة جنائياً للقائمين على تنفيذ أحكام القانون إذا استعملوا القوة لأداء واجباتهم وحماية أنفسهم، وعدم خفض العقوبة المقضي بها أكثر من درجة واحدة، فضلاً عن مواد أخرى. لهذا، فمن مصلحة الحكومة التصالح مع نقابة الصحافيين، والانتصار لحماية الشفافية وحرية الصحافة، حتى تستطيع تقليل الاعتراضات على القانون الجديد. لا شك في أن فرض قيود على الإعلام المحلي، في هذا الزمن، إضعافٌ للدور الوطني لهذا الإعلام، وتهميش لتأثيره في المواطنين. الأكيد، أن التعامل مع وسائل الإعلام الوطنية بالشكّ، والنظر إليها كطرف مختلف في التعامل مع قضايا الإرهاب، رؤية تحتاج إلى معاودة نظر. الحياة