كشف العميد الرّكن المتقاعد إسماعيل السوداني، الملحق العسكري العراقي السابق في واشنطن لموقع سويس انفو الأسباب التي أدّت إلى انتكاسات القوات العراقية في الفلوجة والموصل، وأخيرا في الرمادي، وكيف أن الإحتلال الامريكي ومن خلال الأخطاء التي ارتكبها سواء بعد غزو الكويت او خلال تحريرها وما تلاه، قد أسهم في الوصول إلى هذا الوضع. ويقول العميد اسماعيل والذي خدم 30 عاما في الجيش العراقي،هذه الاخطاء الأمريكية تتجلى على أكثر من صعيد: الحصار المحكم بعد غزو صدام للكويت، وتقليص قدرات الجيش العراقي بعد حرب تحرير هذا البلد الخليجي، وتسريح الجيش العراقي بعد احتلال العراق، أو في إعادة بناء قوات مسلحة عراقية جديدة، والفساد المالي والإداري داخل المؤسسة العسكرية، والطائفية التي استشرت في عراق ما بعدَ الاحتلال. ورفض السوداني قول وزير الدفاع الأمريكي عدم وجود رغْبة قتالية لدى القوات العراقية، استنادا إلى هرَبِهم أمام تنظيم "داعش" في الموصل أولا، ثم في الرمادي. وقال وضع اللَّوم على الجيش العراقي بشكلٍ مُطلق، هو عبارة عن تنصّل من المسؤولية والْـتزامات التحالُف الدولي بشكل عام، والولايات المتحدة بشكل خاص، في الحرب للقضاء على تنظيم "داعش" الإرهابي . واوضح إن الاختلافات السياسية بين الشركاء الدوليين والإقليمين والمحليِّين مع العراق حول الخيارات المطروحة، دون إعطاء البديل المكافِئ، أدّى إلى عرقلة القضاء على هذا التنظيم. إضافة إلى ذلك، الهجمات الجوية، لم ترقَ إلى مستوى العمليات وتحييد تحركات التنظيم واستنزاف قدراته بالشكل الذي يفسح المجال أمام القوات العراقية لانتزاع واستعادة الأرض التي يسيطر عليها التنظيم. واضاف إن الجيش العراقي ونتيجة القتال المُستمِر دون توقّف ولمدة 18 شهرا دون توفر وحدات بديلة، استنزف الكثير من قدراته العملياتية، حيث أن القيِاسات العسكرية تنُص على أن كل وِحدة تعطى كل 6 أشهر فترة شهر لإعادة التنظيم والتدريب، إلا أن ذلك لم يحصل. وأكد العميد إن قيادات "داعش" من ضباط صدّام حسين يتّفوقون على قيادات الجيش الحالية بأمريْن أساسييْن هما: الاستخبارات وأسلوب العمل والقيادة والسيطرة. وأضاف ففي حرب العِصابات عندما تكون البيئة توفّر حواضن حامية ولوجستية للتنظيمات المسلحة، يكون من الصعب الحصول على معلومات استخباراتية موثوقة ومعتمد عليها. أما أسلوب العمل، فإن العِصابات الإرهابية تعمل بشكل لا مركزي، كما أنها لا تلتزم بقواعد اشتباك، وليس لها ضوابط تحكُمها، على العكس من القوات النظامية التي ترتبط بهَرم القيادة والسيطرة، ولها بيروقراطية في اتخاذ القرار . ويقول العميد إسماعيل السوداني إنه بعد عشرة أعوام من التدريب والتجهيز الأمريكي للقوات العراقية، لم يصل الجيش العراقي إلى القدرة على حماية البلاد وذلك بسبب اختلال وهشاشة العملية السياسية في العراق، والذي أدّى إلى أن تكون المؤسسة العسكرية غيْر رصينة بما يكفي، لتقوم بواجباتها كمؤسسة دولة. كما أن وضع قاعدة توزيع المناصِب وِفقا للحِصص الطائفية من قِبل الإدارة الأمريكية، أدّى إلى التضحية بالمِهنية على حساب إشغال المناصِب. و أضاف أنه لا شك أن الفساد المالي والإداري المستشري وعدم وجود إجراءات لمكافحته، يشكِّل عاملا إضافيا. و أفضل طربقة لإعادة بناء القوات المسلحة العراقي هي : • أن تكون المؤسسة العسكرية فوق الميول والاتجاهات. • أن توافِق الأحزاب السياسية على جعل مؤسسات الدولة بعيدة عن التّقسيمات الطائفية. • إعادة بناء القوات المسلحة على أسُس مِهنية وِفق ضوابط وسياقات تُحدِّد اختيار القيادات. • اتِّباع سياسة تسليح تتماشى مع التهديدات الحالية والمستقبلية. • سدّ الفجوة بين القوات المسلحة والشعب بكافة شرائحه، من خلال وضع إستراتيجية علاقات عامة وإعلامية، لإبراز الصورة الحقيقية ومجابهة الإعلام الموجّه المُعادي واتهم الخبير العسكري أمريكا بأنها تحوّلت من إستراتيجية القضاء، ولو بشكل مؤقّت على "داعش"، إلى إستراتيجية الاحتواء وأضاف أن إضافة 450 مستشارا أمريكيا لن يؤدّي إلى تحقيق شيء في المدى القريب. ويرى السوداني أن أفضل إستراتيجية للقضاء على داعش هو تقطيع أوصال التنظيم وحصرها وقطع طُرق إمداداتها ومنعها من تعزيز قُدراتها، من خلال السيْطرة على خطّ الحدود بين العراق وسوريا، بقوات عمليات خاصة، أو بتأمين غطاء جوّي على مدى أربع وعشرين ساعة وطوال أيام الأسبوع. وأنهى حديثه بقوله أن تحديد ثلاث سنوات للقضاء على التنظيم، يعتبر تسويفا غيْر مقبول من الولايات المتحدة، حيث ترى دُول المنطقة تنظيم "داعش" وتواجده، تهديدا لوجودها ولأمنها القومي.