كشفت تسجيلات لمحادثات هاتفية بين قائد القوات العسكرية في الموصل وجنوده عن أحداث مثيرة في كيفية سقوط الموصل قبل عام بيد مقاتلي تنظيم داعش. بحسب دويتش فليه سربت 45 مكالمة هاتفية للقائد تُظهر مسارًا دراميًا للأحداث التي جرت قبل عام في الموصل، خلاصتها تؤكد أن الأوامر العسكرية التي أصدرها الغراوي كانت تفتقد للتنسيق وللتنظيم وللمهنية، فتحديد الأمكنة للجنوده كان يتم بشكل عام وغير دقيق. ويبدو أنه لم تكن هناك أية استراتيجية دفاع عسكرية، كما تظهر التسجيلات شكاوى الجنود الذين ظلوا على مدى يومين بدون تزويدات الطعام والذخيرة، حيث لم يتلقوا أي رد بشأن ذلك. وصمت الغراوي حين أخبره ملازم يُدعى محسن بأن البنادق المركبة فوق الدبابات لا تعمل بشكل جيد، إضافة إلى أن نظام الرصد معطل. تظهر التسجيلات الصوتية الملازم العراقي عدنان يتحدث هو يصرخ لقائدة في حالة عصبية اللعنة أين الطائرات حن ننتظر منذ أكثر من ساعة، غير أنّ القائد مهدي الغراوي اكتفى بالقول أنه وُعد أنّ بقدوم دعم من القوات الجوية وربما تأتي في أي لحظة، غير أنّ الطائرات لم تأتي. واتصل الملازم بقائدة مرة آخرى إلا أنّه تهرب من الرد عليه مدعيا أنه يتحدث مع رئيس الوزراء، بينما يعيد الملازم اتصالاته تشتد المعارك في الموصل شيئًا فشيئًا حتى بسط تنظيم داعش سيطرته على مدينة الموصل التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة، حدثت حالة من الفوضى والارتباك في صفوف القوات العراقية. "سأطلق النار على كل من انسحب من المعركة" كان هذا رد القائد الأعلى لقوات محافظة نينوى مهدي الغراوي والمسؤول المباشر عن الدفاع عن الموصل عندما اكتشف انسحاب العديد من ضباطه من ساحة المعركة . وبحسب دويتشه فليه ازدياد سوء الوضع دفع بالغراوي لأن يطلب من أحد العمداء، عبر الهاتف النقال، سحب كل القوات المتبقية في ساحة اليرموك. وعندما أعاد الاتصال بضباطه بعد وقت قصير ليتعرف منهم على آخر التطورات لم يرد عليه أحد، أو ربما تم إغلاق الهواتف النقالة. وكان ذلك بمثابة إشارة على أن الموصل أصبحت في يد تنظيم داعش. الغريب في الأمر هو أن تسقط ثاني أكبر مدن العراق خلال أربعة أيام فقط من المواجهات بين قوات الجيش العراقي والميليشيات الإرهابية. لم يكن ليأخذ أحد مثل هذا التصور مأخذ الجدية. لم ينتهي الأمر بهروب الجنود من ساحة المعركة عند سيطرة قوات داعش على الموصل فقط، بل أيضا باستيلاء قوات التنظيم على عدد كبير من الأسلحة والطائرات الحربية التابعة للجيش العراقي. وعرض الغراوي تسجيلات لمكاالمات هاتفية يُفترض أنها كانت مع رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، الذي يطلب منه شخصيًا الانسحاب من الموصل، يأتي ذلك على خلفية إقالة الغراوي من منصبه ومتابعته قضائيا، والذي اعتبر القائد المتهم أنه تعرض بذلك للظلم "دون وجه حق". وكان من المفترض أن تقدم لجنة تقصي الحقائق تقريرًا لها حول الموضوع بعد مرور سنة، لكن اجتماع اللجنة تأجل لم يلغ اجتماع لجنة تقصي الحقائق فقط ولكن أيضا تم إلغاء عملية عسكرية للتحالف الدولي من أجل استعادة الموصل. .حيث افشى موظفا في القيادة المركزية للجيش الأمريكي سر التفاصيل العسكرية لصحيفة "نيويورك تايمز"، وذكرت الصحيفة أن القوات الأمريكية كانت "ستشارك في عملية عسكرية برية، حتى يتم تنسيق العمليات الجوية بشكل أفضل". وبدورها قررت الحكومة العراقية تغيير استراتيجيتها، وإعطاء الأولوية لاستعادة محافظة الأنبار غرب بغداد، غير أن قوات التنظيم داعش كانت الأسرع، إذ هاجمت الرمادي بشراسة ، وسيطرت عليها بالكامل بعد أشهر من معارك ضارية. الآن ومنذ أكثر من أسبوعين تحاول القوات العراقية إلى جانب ما يعرف "بالحشد الشعبي" المكون من الميليشيات الشيعية ومقاتلين ينتمون للعشائر السنية، استعادة الرمادي، لكن دون جدوى وحسب القيادة العسكرية المركزية في بغداد فإن قرار إعطاء الأولية للرمادي كان قرارا سياسيا وليس عسكريا، إذ لم تتم استشارة القيادة العسكرية في هذا الأمر. غير أن أحد أعضاء المجلس العسكري العراقي رفض الكشف عن اسمه اعتبر أن اهتمام السياسيين العراقيين يركز بشكل أساسي على أمن بغداد أكثر من استعادة الموصل أوالأنبار القريبة من العاصمة العراقية