2015-10-10 

مشاكل عديدة تفضح الخلل السياسي في لبنان

بي بي سي

يعاني لبنان من أزمات عديدة تُظهر مدى الخلل السياسي الذي تعيشه البلاد، فليست أزمة تكدس النفايات منذ أكثر من شهر حتى الآن ، سوى واحدة من أزمات متعددة في البلاد، على رأسها الانقطاع المتزايد للتيار الكهربائي بالرغم من وعود وافرة منذ انتهاء الحرب عام 1990 بعودة الكهرباء بشكل كامل. وبحسب بي بي سي بخلاف وسط بيروت، لم تطبق سوى مشروعات قليلة لتحسين جودة الخدمات في شتى أرجاء البلاد. وبينما لم تبد أي من الحكومات المتعاقبة أي رعاية بشأن التخطيط والمشروعات طويلة الأجل، اعتمد الناس على مزودي الخدمات من الشركات الخاصة وغير الرسمية. هذه المشكلات ليست مفاجئة، فهي مظهر من مظاهر أزمة النظام في البلاد. ولا يتعلق الأمر فقط بعدم الكفاءة في نظام التشغيل اليومي في البلاد، فالمشكلات المزمنة لها جذور عميقة. فمنذ نهاية الحرب الأهلية التي استمرت 15 عاما في عام 1990، لم يوجه أي اهتمام للاستثمار في البنية التحتية. وكانت البلاد في حالة خراب وكذلك الخدمات الأساسية. واذا كانت الروائح النتنة للنفايات مستجدة، فإن حالة الخلل في المؤسسات السياسية بدأت منذ فترة وتتجلى اليوم بشكل واضح. وتكفي بعض الحقائق الرئيسية لإظهار مستوى الخلل في البلاد. فلبنان بلا رئيس منذ أكثر من 450 يومًا، وفشلت الجلسة البرلمانية الـ27 لاختيار رئيس في أغسطس، مثلما اخفقت الجلسات السابقة، ويعاني لبنان من انقسامات سياسية عميقة هي مرآة للانقسامات الاقليمية. وعجز النواب المتحالفون مع قوة فاعلة أو اخرى في المنطقة، عن اختيار رئيس لهم، وهو دور بسلطات تنفيذية ضعيفة يتولاه مسيحي في نظام حكم يقوم على تقاسم سلطة بين الطوائف. وكما تعطلت الانتخابات الرئاسية، تعطل عمل البرلمان. ومددت فترة النواب مرتين، مع تجاهل الدعوة لإجراء انتخابات والتمثيل الشرعي. وعجزوا عن الاتفاق على استمرار التشريع قبل انتخاب رئيس أم لا. وكانت النتيجة حدوث شلل في البرلمان لأكثر من عام. وما تبقى عبارة عن حكومة عرجاء، تجتمع جلسة بعد جلسة، لمناقشة ما إذا كان قرارها ينبغي أن يجري تبنيه من خلال توافق أو أغلبية بسيطة في غياب رئيس الدولة الذي يملك حق رئاسة جلسات الحكومة. وبذلك تكتمل دائرة الشلل المؤسسي. ويقول ماريو أبوزيد باحث بمركز كارنيغي: هذا الموقف الدستوري هو الأسوأ منذ استقلال لبنان. كلف هذا الخلل السياسي لبنان، وهو بلد مثقل بالديون، الكثير بما في ذلك منح ومساعدات دولية تقدر بنحو مليار دولار، وامتدت الأزمة مؤخرا إلى مناصب رئيسية أخرى في البلاد. فمن المقرر أن تنتهي المدة الحالية لقائد الجيش، وهو منصب مسيحي آخر، في سبتمبر، ولم تنجح أشهر من الخلافات داخل الحكومة لتعيين قائد جديد في التوصل إلى نتيجة، إلى أن أعلن وزير الدفاع بشكل منفرد، تمديد فترة منصب القائد الحالي، ما يعني عمليا تأجيل الأزمة لمدة عام واحد قبل أن تعود المشكلة لتظهر مجددا. وبحسب الصحافي في جريدة النهار، نبيل بو منصف، فإن "التمديد علامة على الفشل العام. لم يربح احد المعركة بل ان الحكومة هي أكبر الخاسرين". وما يقصده هو أن اللجوء لخيار تمديد فترات المناصب بدلاً من تعيين قادة جدد يعد واحداً من علامات عدم قدرة النخبة السياسية على جسر خلافاتها والاستمرار في إدارة شؤون الدولة حتى ولو في حدها الأدنى. وبالطبع فإن تمديد ولاية قائد الجيش أثار غضب جماعة سياسية مهمة وهي التيار الوطني الحر الذي دعا لتظاهرات احتجاجًا على قرار الوزير. غير ان رد فعل أحد الوزراء من الموقع السياسي المنافس جاء معبرا. حيث قال: "لا يستطيع منافسونا ولا نحن في الوقت الراهن حشد قواعدنا. الشعب ضاق ذرعا بنا جميعا. ما يهمهم هو حجم وجود القمامة في الشوارع، ورواتبهم والقضايا اليومية الأخرى، وهم يعلمون تماما أن القرارات الرئيسية ربما تتخذ خارج مجلس الوزراء أو ربما خارج البلاد برمتها". وأصبح الكثير من الناس لديهم لامبالاة تجاه تفشي الفساد وعجز النخبة السياسية. ويبقى الموقف السياسي داخل لبنان هو الأكثر إثارة للقلق في الوقت الراهن.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه