2015-10-10 

الليبرال والجامية ... وإمام الحرم

عبدالعزيز الفضلي

هناك فكران أم مجموعتان أو تياران سمّهما ما شئت، وجدت أنهما من أكثر الناس عداوة لحرية الشعوب، وهم «الليبراليون، وفرقة الجاميّة». فتاريخ الليبراليين وخاصة في السنوات الأخيرة مليء بالسواد - أتكلم عن الأغلب وليس الكل - وخير شاهد على ذلك مواقفهم من حركات التحرر والثورات العربية الأخيرة. ففي تونس وبعد سقوط «بن علي» حاولوا جاهدين إفشال هذه الثورة التي أسقطت النظام السابق، والسبب هو حصول التيار الإسلامي على الأغلبية في أول انتخابات شرعية، ووقفوا في آخر انتخابات مع السبسي الرئيس الحالي - أحد العاملين مع النظام السابق، وكان وزير الداخلية في عهد أبو رقيبة - ضد مرشح الثورة الرئيس المنتهية صلاحيته «المنصف المرزوقي». وفي ليبيا وقفوا مع الثورة المضادة ضد حركات التحرر التي أسقطت القذافي، وهم اليوم يساندون «حفتر» الذي قاد انقلاباً فاشلاً ضد «المؤتمر الوطني العام» وحاول فرض حالة الطوارئ، لكن الثوار أحبطوا محاولته. وفي مصر كان لليبراليين موقف واضح في إسقاط «مرسي»، وإذا نظرت إلى موقفهم في سورية، فما يزال الكثير منهم يؤيد النظام المجرم، بحجة وقوفه ضد التيارات المتشددة والتكفيرية. وعند تأمل موقف ليبراليي الخليج، فلن يكونوا بأفضل من رفقائهم العرب، ففي بعض دول الخليج تجد الليبرالي يدافع عن حرية الرأي في بلده، ويدعو إلى حرية اللباس وعدم تقييدها، في الوقت الذي يهاجم فيه المرأة المسلمة التي ترتدي النقاب في الدول الغربية، ويناصر قانون منع النقاب هناك، ويدعو المرأة المسلمة إلى احترام قوانين البلد الذي تعيش فيها! وأما فرقة «الجامية» فقد شوهوا السلفية وهم يزعمون بآرائهم وأفكارهم بأنهم خير من يتمسك بها ويمثلها. فهم في أكثر من وقف في وجه الثورات العربية بحجة عدم جواز الخروج على الحاكم، ووجدناهم يقفون ضد أي تحرك للإصلاح تدعو له الشعوب حتى ولو لم يكن المطالبة بإسقاط الحاكم، وحتى ولو كانت تلك الوسيلة مكفولة بالدستور الذي تقره البلاد وارتضاه الحاكم والمحكوم! ومن مواقفهم العجيبة شماتتهم بأهل غزة خلال العدوان الإسرائيلي، وهم يعتبرون حماس خوارج مع أنهم فازوا بآخر انتخابات تشريعية. واليوم هم يشمتون بإخوانهم اللاجئين السوريين، بدلا من نصرتهم وإغاثتهم، ويلقي الجامية اللوم على من ناصر قضية السوريين وأن من ناصرهم ودعمهم هو من تسبب في شتاتهم وقتلهم! ومن آخر المواقف التي تدعو إلى الإشفاق على بعض أصحاب الفكر الجامي، أنهم وقفوا ضد حرية الناس في مقاطعة شراء الأسماك بسبب ارتفاع أسعارها، وأخرجوا فتاوى تحرم المقاطعة، بحجة أنها لم تصدر من ولي الأمر! أعجبتني تغريدة لإمام الحرم المكي سابقاً الشيخ عادل الكلباني حيث كتب: الشرك «بالوالي» في هذا الزمان أعظم من الشرك «بالولي». الجامية لا يستطيعون تحمل الآراء المخالفة لهم، ولذلك يسعون جاهدين إلى إزاحة المخالف عن منصبه بأي وسيلة - بيدهم أو بيد غيرهم - وما جرى ويجري بإحدى الوزرات عندنا في الكويت خير شاهد على ذلك.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه