2015-10-10 

رحمك الله .. يا أغلى الناس

هيفاء صفوق

صباح النور، صباح المحبة والسلام، صباح الصمت وتأمل حكمة الله في خلقة. رحلت أمي قطعة من قلبي، وما أقسى فراق الأم، لن توفيها الكلمات، كنت ومازلت في حضرة الأم أجهل ماذا أكتب! كما علمتنا الحياة الأشياء العظيمة لا تكتب ولا نستطيع أن نعبر عنها، هو ذلك المعنى لا يعرفه إلا من عاشه وذاق مرارته، كم من الأبيات كتبت وكم من الأناشيد تحدثت عن غلاة الأم وحنانها وافتقادها، وعلى رغم ذلك لم تصل ولن تصل. أول مرة أكتب مقالة شخصية عن نفسي أو حياتي، لكنه عرفان لهذه السيدة (فاطمة الطلال)، التي كانت السبب الوحيد في أن أكتب المقالة أو القصة أو الخاطرة منذ سنوات. أمية لا تقرأ ولا تكتب، لكنها كانت العزيمة والروح الذي لا تقهر، أول من آمنت بي وشجعتني على الكتابة منذ أن كنت في الـ14 من عمري، وكانت حريصة أن أؤلف الكتب وأكتب وأكتب، هؤلاء السيدات اللاتي يربين في أبنائهن الثقة في النفس، وحب العلم والقلم ونصرة المظلوم بوجه من يكون. نعم كانت سيدة تعتز بنفسها كثيراً، ربت فينا القوة والعزة والوقوف بعد كل ألم. ساندت وراعت وساعدت الآخرين بكل ما تملك، كريمة بمالها، وبيتها عامر بكل أحبابها. في عزاء أمي كنت أنا من تعزِّي المعزين؛ لصدمتهم بموتها ولحبهم لها، ربتنا على مساعدة الضعيف، ليس فقط مساعدته، بل احترامه وتقديره، علمتنا كيف نحافظ على أنفسنا وقيمنا، وأن نتمسك بجوهر الأمور لا قشورها، فرحمة الله على روحك الطاهرة يا جمل أم، اكتسبت جمال الوجه وجمال الروح وجمال العمق. كانت صديقتي منذ طفولتي أسراري عندها لا أخجل منها، فكانت مثالاً لحسن التربية، لم تجعلني يوماً أحتاج إلى أحد، احترمت طفولتي ومراهقتي وزرعت فيَّ امرأة ناضجة تستطيع أن تكمل المشوار مع أبنائها على نفس النهج، الاحترام والتقدير والثقة في النفس. أحببت للمرة الأولى أن يشاركني كل العالم وفاة أمي، يشاركني ذهولي وقوتي وضعفي، نعم تعلمنا أن الحياة مواقف مؤلمة، جاء اليوم كما كنت دائماً أتحدث مع قرائي، وأحبابي، وأولادي، وأصدقائي، بأن نتمسك بروح الأمل، والطريق يمضي، نعمل، ونساعد، ونحب، وندعو إلى السلام والمحبة ونعيش بقدر ما نستطيع بحب وسلام مع كل البشر. (كل من عليها فانٍ ويبقي وجه ربك ذي الجلال والإكرام). نقلا عن الحياة

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه