علي العمودي
انتشرت في الآونة الأخيرة المطبوعات الدعائية والإعلانية التي توزع مجاناً وتجدها عند عتبات كل بيت ومنشأة في مختلف مدن وإمارات الدولة، وهي محل ترحيب باعتبارها من صور النشاط والحيوية للسوق المحلية، ودليل حراك اقتصادي يتناغم والنهضة الشاملة التي تشهدها البلاد. إلا أن تسابق هذه المطبوعات على الظفر بالمعلن والإعلانات جعلها تتخلى عن معايير وبديهيات تتعلق بقيم المجتمع وقواعد العمل التجاري الذي يتطلب الحرص الشديد على المصداقية، وعدم تضليل المستهلك بمعلومات وبيانات لا صحة لها.
ولعل المثال الصارخ، الذي يبرز أمامنا، ذلك المتعلق بسوق العقارات، حيث يطالع المرء إعلانات في تلك المطبوعات لأشخاص يستغلون غلاء الإيجارات، وبالذات في العاصمة، ليعلنوا عن وجود عيون عقارية للإيجار بأسعار تبدو مناسبة لذوي الدخول المحدودة ممن يقعون ضحايا لتلك الإعلانات عندما يكتشفون أن المعلن لا علاقة له بالأمر، وإنما مجرد سمسار غير مخول حتى بالتحدث للمالك الأصلي للوحدة الذي يتضح له أن ممتلكاته معروضة للتأجير من دون علمه أو تفويض منه. وسجلات الشرطة تحفل بقضايا عديدة من هذا النوع، استغل أمثال هؤلاء السماسرة الوضع في تجارة مربحة رأسمالها مجرد رقم«واصل»!!.
كما دخلت على الخط مؤسسات وساطة عقارية تروج لبيع شقق وأراضٍ خارج الدولة من دون مرجع أو جهة تؤكد صحة ما تعرض، ليثق الراغب في الاستثمار بجدية المعلن وصدقية ما يروج له.
وعلى صعيد إعلانات الفنادق وخدماتها، وكذلك محال المساج، فالوضع أصبح يفتقر لحد أدنى من احترام الذوق والحياء وقيم المجتمع. فقد كانت تلك الدور تكتفي في المساج بأيادٍ ناعمة للإشارة فقط للخدمة، لتظهر اليوم الوجوه وكافة التفاصيل لمخاطبة الغرائز أكثر من أي شيء آخر.
دعونا وسنظل ندعو الجهات المعنية، وفي مقدمتها إدارة متابعة المحتوى بالمجلس الوطني للإعلام، لضرورة التزام هذه المطبوعات «الطيارة» بالقواعد الأساسية للعمل الدعائي والترويجي، وأبسط متطلباتها التأكد من هوية وعلاقة المعلن بما يريد الإعلان عنه، وبالأخص في مجال تأجير العقارات. فكم من «ناطور» باع الوهم لضحاياه وفر هارباً بما غنم، وطاب الأمر لكثيرين لممارسة اللعبة التي باتت سهلة جراء تغاضي تلك المطبوعات عن قواعد العمل المتبعة. كما نجدد الدعوة لفرع الإمارات بالجمعية الدولية للإعلان للإسهام في الارتقاء بمحتوى الإعلان، بعيداً عن الذين يصرون على مخاطبة الغرائز!!