بي بي سي- أجج إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر الصراع بين إيران والسعودية وقد قُطِعت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتبادلا كلمات غاضبة، واقتحم محتجون إيرانيون مبنى السفارة السعودية في طهران. غير ان النزاع بين البلدين له خلفيات تاريخية، وسياسية. فالانقسامات الدينية تمثل عاملا من ضمن عوامل أبرز العوامل التي أدت الى هذا الصراع المحموم الذي لا يكاد يتوقف برهة حتى يستعر مرة أخرى .
ولكن هذا السياق وهذا العامل ليس بالعامل الوحيد وراء هذا الصراع .حيث تقف إيران والسعودية على طرفي نقيض في ما يخص جدلا قديما في الإسلام عمره أكثر من 1000 عام بين الإسلام السني والإسلام الشيعي.
فبعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ، اختلف أتباعه بشأن من يحق له أن يأتي بعده، ويكون بالتالي خليفة له. لكن من الأهمية عدم تضخيم الانقسامات التي حدثت إذ إن السنة والشيعة يتقاسمون المعتقدات الأساسية في الإسلام، وقد تعايشا بطريقة سلمية على مدى قرون. ولهذا، فإن العداوة بين إيران والسعودية تُفهم بشكل أفضل في سياق الصراع على السيطرة في منطقة الشرق الأوسط وما وراءها.
لكن بالرغم من هذا، فإن الطائفية أضحت واقعا كريها في عدة نزاعات محتدمة اليوم.
اذ تتبنى إيران تمثيل الإسلام الشيعي والسعودية الإسلام السني، وقد انعكس هذا التمثيل في سياساتهما الخارجية؛ إذ يشكل كل طرف تحالفات مع البلدان التي تشاطره إيديولوجيته.
يمكن تعقب الانقسام الأخير بين إيران والسعودية في الثورة الإيرانية التي قامت في عام 1979 وأطاحت بالشاه الموالي للغرب وإقامة جمهورية إسلامية.
وشهدت الثمانينات من القرن العشرين تنامي التوترات بين السعودية وإيران؛ إذ دعمت السعودية نظام صدام حسين كما أنه في أعقاب الاشتباكات الدامية التي شهدها موسم الحج في عام 1987 والتي انتهت بمقتل مئات من الحجاج الإيرانيين أوقفت السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع إيران على مدى ثلاث سنوات.
ومن العلامات الفارقة في تطور العلاقة بين البلدين غزو العراق من طرف القوات التي قادتها الولايات المتحدة، والإطاحة بنظام صدام حسين، وإقامة حكومة هيمن عليها زعماء الشيعة في جوار الرياض.
هذا السياق التاريخي والديني تواصل ليساهم مرة أخرى في تباين مواقف البلدين من التطورات الإقليمية والسياسية خاصة منها الربيع العربي حيث ذهبت إيران لدعم حليفها الرئيس السوري بشار الأسد في حين دعمت السعودية قوى معارضة عندما تحولت الاحتجاجات الشعبية إلى حرب أهلية. كما تباينت مواقف البلدين مرة أخرى في الاحتجاجات التي شهدتها البحرين وكذلك في الازمة اليمنية.
وفي ظل تازم الصراع بين البلدين واشتداده في السنوات الأخيرة تذهب بعض التنبؤات المتشائمة إلى أن المنطقة قد تكون مقبلة على حرب لمدة ثلاثين سنة على غرار الحرب بين الدول الكاثوليكية والدول البروتستانية من أجل السيطرة وكسب النفوذ خلال القرن السابع عشر الميلادي.