الاتحاد - لدينا ملفات حساسة نتعامل معها بخجل يقترب من الضرر في المصلحة الوطنية. فرنسا وغيرها من دول غربية طرحت قضية سحب الجنسية من المضرين بأمنها، ويعد ذلك أحد أهم التحولات التي أفرزتها مواجهة الإرهاب في تاريخ أوروبا. وبكل تأكيد موضوع الإرهاب فتح لنا باب الاستغلال لقيم الحرية، حيث ثبت أن البعض تحت مظلة محاربة الإرهاب يقتل قيم الحرية، وهذا ما تتم مناقشته على مستويات مختلفة في كثير من دول العالم إلا أن هناك اتفاقاً على ضرورة سن تشريعات تحمي الأمن الوطني، وليس أمن النظام السياسي فقط. بعد تفجر الصراع السعودي- الإيراني، على خلفية تطبيق القانون السيادي للدولة على «نمر النمر»، خرجت إيران بكامل قوتها الإعلامية لتشعل معركة مذهبية على اعتبار أنها مسؤولة عن شيعة العالم، وهنا مجمل المشكل الذي تجب معالجته ومواجهته دون حساسية. فالشيعة كالسُنة، وغيرهم من أتباع الديانات والمعتقدات الفكرية، ينتمون إلى دول لها حدود جغرافية، وعلى كل مواطن مسؤولية تحددها الدولة التي ينتمي لها. علينا أن نؤمن باحترام التعددية الفكرية والدينية، ونعزز أسس المواطنة القائمة على المساواة بيننا جميعاً، وأن يُحاسب من يخرج على القانون أياً كان انتماؤه، طالما يضر بالمصلحة الوطنية.
أما إيران، فهي دولة قائمة على تكريس النموذج الشيعي، وتسعى إلى تعميمه متعدية الحدود الوطنية، وهنا منبع أحد أهم محاور الاختلاف بيننا وبين إيران. دول الخليج العربي ليس لها تاريخ عدائي مع إيران، بل تسعى إلى مواءمة وتعاون ضمن القوانين الدولية، ومن ثم العلاقة الإيرانية العربية يجب أن يعاد تقييمها ضمن هذا الفصل بين المواطنة والمذهبية، التي تسعى إيران إلى بثها واستخدامها لأغراض سياسية. فدول الخليج العربي دأبت على التعامل مع قضايا ساخنة في إطار عقلية «الزمن كفيل بحل الأزمات»، بينما الأزمات تتصاعد نتيجة لسياسة الخجل التي تنتهجها. وطالما أن إيران تصر على استمرار سياستها المذهبية القائمة على إشعال الفتن، فهي تصدر عداءها الذي تجب مواجهته بحسم. الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تدعم «الحوثيين» في اليمن، وتسعى إلى تصدع المجتمع اليمني، وهي كذلك تطل بنوايا الشر في البحرين، وهناك سجل حافل بالتدخلات الإيرانية في الشأن المحلي لمملكة البحرين، وهي كذلك تسعى إلى إحداث بلبلة في المملكة العربية السعودية، وتدخلت بالشأن الكويتي لأكثر من مرة، ومن ثم سياساتها تتجه نحو التأجيج لضمان إشغال مواطنيها عن الوضع الداخلي.
ويقول أحد الخبراء أثناء شهادته أمام الكونجرس الأميركي: «لقد تركزت السياسة الأميركية إزاء إيران على مواجهة طموحها النووي في الأساس، إلا أنها لم ُتمنح الاهتمام المطلوب للتهديدات التي تفرضها شبكة تحركات«الحرس الثوري» في محيطه الإقليمي...»، ويرى الخبير أن البرنامج النووي ماهو إلا رأس حربه لطموحات غير مشروعة، ومن ثم استردادها لما يقارب من 100 مليار دولار وإعادة فتح أسواقها يعزز سياستها الطائفية وطموحاتها التوسعية. فالموقف الخليجي، وبصرف النظر عن تفاوت المواقف بين دول الخليج، يجب أن يتجه نحو مزيد من الواقعية، وأن تنحي هذه الدول سياسة الخجل التي اعتدنا عليها. ومن يساوم على تجنب الشر الإيراني فهو يقع فريسة سهلة للرغبة التوسعية الإيرانية التي يجب أن تعالج بمواجهة عقلانية تتسم بالشفافية مع صناع القرار الإيراني. فدول مجلس التعاون من الممكن أن تطور آليات جديدة، حتى وإنْ خرجت عن آليات التعاون المتعارف عليها بين الأعضاء. فكل المؤشرات تتجه نحو رغبة إيرانية توسعية يجب وقفها.