الرياض - إيران دولة من المنطقة ولها حدور مشتركة مع بعض الدول العربية، كما في بعضها تمازج سكاني، هذه الدولة لم تكن لها على مدى التاريخ صفة الصداقة مع الجيران، ولم تراع حسن الجوار منذ التاريخ الطويل، فهي دائما ما تعطي نفسها أدواراً أكبر من إمكاناتها، فما تحتاجه من التفاتة إلى وضعها الداخلي تبدده في اختلاق مشكلات مع دول الجوار لصرف أنظار مواطنيها عن واقعها المزري والمتدني في الخدمات التي يتطلبها المواطن الإيراني، مع الكثافة السكانية تكون المساندة الحكومية هي مد العمل لما يحتاجه المواطن الايراني في الداخل فينحصر في فئة تدّعي أنها الأعلم والأولى بتسيير أمور الدولة تحت غلالة روحانية تؤطرها بسياسة تقوم في كيانها على المراوغة والكذب والادعاء، ولا تتوانى في استفزاز من حواليها بكل بلاهة وعدم اهتمام، فهي تنظر كما في فكر ملاليها القائمين على تسيير الأمور إلى أن المنطقة هي تحت مظلتها.
وتزعم أنها تتصرف كما تتصرف الدول الكبرى، وترى أنها تقدر أن تملي إرادتها على دول المنطقة عن طريق أذنابها المغرّر بهم؛ حيث تقتنص مناطق الضعف وتساعد على إشعال جذوة الفتن، فكان لبنان، ثم سورية، فالعراق، واليمن، وكلما اشتمت روائح فتنة نفخت فيها وعملت بكل ما تستطيع من وسائل وحيل لكي تكون مساهمة في إيقاد نار الفتنة والتشتت، وما زاد ذلك أن الدول الكبرى والتي تعمل من أجل السلام تساهلت كثيرا في محادثات المماطلة التي طالت حول ملف إيران النووي الذي كان بإمكان الدول حسمه في وقت قصير، ولكن السياسة لها لعباتها ما أدى بالتراخي ومسايرة عقول الملالي وقبول المراوغات، والتمدد والانكماش، واعتقاد الاستغفال وتمطيط الزمن لكي تتمكن من كسب الوقت لتجد المزيد من المغرر بهم، وخصوصاً في مناطق الاشتعال التي خلّفها (الخريف العربي) الذي أعاد العرب إلى الوراء سنوات وسنوات، وأشعل مشكلات ونزاعات لم تكن في حسبان أي عربي، فدولة الملالي بما تحمله من الإرث الفارسي وجدت الفرصة والمناخ المناسبين لكي تدفع بمشكلاتها الداخلية إلى مناطق الصراع التي تولدت بجهل من تولى حركات كانت في ظاهرها تعكس صورة ضبابية لمّعتها الوسائل الإعلامية مشيرة إلى أنها هي الخلاص، والغد المشرق، وأمل الأمة، وكانت جميعها تتحرك بفعل العملاء الذين كانوا يراهنون على أن يحدث التغيير بقبضهم الثمن من إيران، وغيرها ممن يريد الشر بالمنطقة.
وحكام إيران في اعتقادهم أنهم هيمنوا على الساحة كاملا، وأن ما يريدونه أمر كائن، فركبهم الغرور الذي قادهم الى محاولة التدخل في شؤون بلدان الجوار الداخلية، فأخذوا يصدرون التصريحات، والتهديدات ويتوعدون، ويعطون انفسهم حجما منتفخا فاقوا به الدول الكبرى في تصورهم، وهو بالون رقيق نفخه الغرب فصدقته ايران، وراحت تقيم المناورات، وتهدد بالصواريخ، وتندد ببعض أفعال الآخرين وهي التي تمارس العنف شديد الضراوة والقسوة مع شعبها الذي يعيش حالات مزرية وفقر متفش، وأمراض تنهش في المهمشين والمشردين، ولا يظهر في الصورة إلا الحرس الثوري، والباسيج ورجال القمع، والمشانق والرصاص الذي يوجه إلى صدور الشباب/الشابات، ولم يسلم العجائز ومن يحاول المطالبة بعيش كريم وحاجته وحقوقه كإنسان.
مع الأسف أن منظمات حقوق الإنسان المصدرة للتقارير عن حقون الإنسان في العالم تتجاهل ما هو حاصل في إيران، ولم تصدر بيانا واحدا تشير فيه إلى ذلك، وهذا يبين أن وراء الأكمة ما وراءها ما يوحي بأن هناك لعبة دولية موجهة للمنطقة، فالمصالح الدولية هي السائدة والكل يبحث عن مصلحته، ولكن السياسة لها لعباتها القديمة الجديدة، وايران المتبجحة على ألْسِنَة النافذين فيها وبكل حماقة تعلن بصفاقة أن لها مساهماتها وتمكنها وتوغلها في دول عربية أربع هي سورية، ولبنان، والعراق، واليمن الذي عملت وتعمل الكثير من أجل أن تتمكن من الإمعان في نفوذها ولقيت من يساندها ويقف معها من المرتزقة والحوثيين الذين رعتهم وأنشأتهم ولما برزت أسنانهم شرعوا في نهش اليمن الجريح، وشاركهم الثعلب العجوز المخلوع المتلوِّن، ومن لف لفه، ولكن المملكة العربية السعودية كانت لإيران بالمرصاد، فوقفت وقفة الشرف بالحزم، والعزم، والأمل ولمَّا تزل تحقق مع الحلفاء من الإشقاء والاصدقاء الشرفاء النصر تلو النصر، وتكبد أزلام إيران من الخونة والمرتزقة الخسائر المادية والبشرية، وتثبت للعالم أنع لايفل الحديد الا الحديد.
والنتائج واضحة، فالحكومة الشرعية في اليمن تمكنت من ممارسة دورها في مواقعها، ولكن التسويف الدولي وتمطيط عملية الحسم، وخرق الهدنة بأمر الملالي يشي بالتسويف والهشاشة حتى ولو كانت الدول الكبرى تقول بأنها تعمل من أجل الحلول، فأي حلول ترتجى، وإيران تتحدث وكأنها الدولة العظمى، ولاتقف عند ذلك بل تتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، فكان الموقف الحكيم القوي الصارم الذي تمثل في قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بعد الاعتداءعلى السفارة السعودية، والقنصلية، وهذا هو الرد الحق، ضد الهمجية والجهل السياسي وعدم احترام القوانين الدولية، وما فعله بعض الاشقاء والاصدقاء هو عين الصواب، وما يجب أن يكون هو أن يصدر عقاب سياسي عالمي رادع يعيد الاحترام لمجلس الأمن والأمم المتحدة والقرارات التي تصدر وحتمية تنفيذها، وأن تتنبه بعض الدول التي تحاول العودة إلى وزنها في العالم كروسيا أن تقف مع القرارات الأممية بكل شفافية ودون تردد، ففي بعض مواقفها الأخيرة، وخصوصا من القضية السورية كانت تكيل بمكيال واحد، وتتحدث وكأنها صاحبة الشأن في العالم، ومعروفة روسيا ببعض تدخلاتها في دول عدة من عقود ماضية وما جنته من تلك السياسة، ولايغيب عن ساستها، فتكرار تلك المرحلة قد يحصل إن استمر الوضع كما هو الآن.