منذ عدة أسابيع نشرت شبكة دويتش فيله تقريرا عن وضع الأقليات المسيحية في بلدان الربيع العربي، واصفة أياهم بالخاسر الأكبر من هذا الربيع، لكن وضع مسيحيي سوريا والعراق يبدو الأسوأ - كما يشير التقرير - بسبب سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على مناطق عراقية وسورية بأكملها، مستفيدا في ذلك من حالة الفوضى السائدة فيها. وفي الموصل، ثاني أكبر مدن العراق التي تضم نحو 30 كنيسة يعود تاريخ بعضها لما يقرب من 1500 سنة، وصل الأمر إلى فراغ المدينة من المسيحيين؛ هربا من داعش لأول مرة في تاريخ العراق. وفي الوقت الذي قال فيه تقرير أممي أن ذلك التنظيم المتطرف ارتكب انتهاكات بحق الأقليات الأيزيدية والمسيحية في والعراق ترقى إلى جرائم الحرب، صعدت داعش هجماتها على الطائفة الآشورية المسيحية إذ شنّ فجر (الاثنين) هجمات مركزة ومكثفة على عدد من القرى الآشورية الممتدة على الشريط الجنوبي لنهر الخابور والتابعة لمحافظة الحسكة، ومن بينها قرى تل هرمز، تل طويل وتل شامية، وأعلنت مراصد حقوقية سورية أنه اختطف ما لا يقل عن 90 مواطناً آشورياً لا يُعرف مصيرهم حتى اللحظة، مع أن بعض هذه القرى خالية من معظم سكانها، كما أدى الهجوم لنزوح مئات ممن تبقى بهذه القرى إلى مدينتي الحسكة والقامشلي. وتقول مصادر من الآشوريين إن عدد المخطوفين الثلاثاء، في مداهمات على سلسلة من القرى في شمال شرقي سوريا، قد يبلغ 200 مدني، معظمهم من النساء، والأطفال، وكبار السن. وتفيد تقارير بأن مسلحي تنظيم "الدولة الإسلامية" أحرقوا كنائس خلال مواجهاتهم مع ميليشيات الأكراد والمسيحيين. ولم يؤكد تنظيم "الدولة الإسلامية" نبأ الخطف، لكن أنصاره نشروا صورا على موقع على الإنترنت لمسلحين من الجماعة المتشددة يرتدون زيا مموها ويطلقون النار من أسلحتهم الآلية. وقال الموقع إن الصور كانت في تل تمر وهي بلدة قريبة من موقع الاختطاف الذي ذكره المرصد. وترجع الأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة من سوريا في قتال تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى أنها متاخمة لأراض يسيطر عليها في العراق، كانت قد شهدت فظائع ارتكبها المتشددون بحق الأقلية الأيزيدية العام الماضي. وأكّد رئيس المجلس السرياني الوطني السوري أن هناك ستين مختطفاً آشورياً جديداً بيد تنظيم (الدولة الاسلامية) يضاف إلى 90 آخرين تم الإعلان عنهم، وشدد على ضرورة تدخّل التحالف الدولي لحمايتهم، على غرار ما حصل في مدينة عين العرب (كوباني) شمال سورية وقال بسام اسحق، رئيس المجلس السرياني الوطني وعضو الأمانة العامة في المجلس الوطني السوري المعارض، لوكالة (آكي) الإيطالية للأنباء "يمكننا الآن تأكيد عدد المختطفين من قرى الخابور التي هاجمها تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بـ90 مدنيا، بالإضافة لذلك لدينا معلومات باختطاف مدنيين آخرين من مناطق أخرى يصل عددهم إلى ستين آخرين"، وفق تأكيده وأشار إلى أنه "لم يتم إخراج التنظيم من القرى التي استولى عليها، والقتال لا يزال جاريا لمنع دخول (داعش) إلى مدينة تل تمر، وهناك حاجة ماسة لتدخّل من قبل التحالف على غرار ما حصل في عين العرب (كوباني)، وإلا، فسنرى مأساة إنسانية لم تحصل من قبل"، حسب قوله ونوه بأن عدة قوى سورية تقاتل التنظيم المتشدد في القرى التي يقطنها آشوريون سوريون، وقال إن "سكان تل تمر أغلبيتهم من الآشوريين بالإضافة لأكراد وعرب، من يحارب (داعش) الآن هم من قوات الحماية الشعبية (بي واي دي)، والمجلس السرياني العسكري، وحرس الخابور، ويحاول تنظيم (الدولة الإسلامية) منذ فترة طويلة الدخول إلى محافظة الحسكة من غير نجاح، وقد احتل بعض هذه القرى الآشورية وتم تحريرها منه، ولكنه هاجم البارحة مصحوباً بعدد كبير من المقاتلين معهم أسلحة ثقيلة"، وفق توضيحه