اثار الاتفاق الامريكي الايراني حول برنامج ايران النووي حفيظة دول الخليج العربي وعلى راسها السعودية التي تعتبر هذا الاتفاق طعنة في الظهر لا سيما وان العلاقات الامريكية السعودية كانت دائما على درجة كبيرة من التفاهم والتنسيق. وبما أن إدارة الرئيس الامريكي اوباما اختارت طي صفحة العداء مع ايران فإن الدول الخليجية التي رأت نفسها بموجب الموقف الامريكي في موضع " خيانة" تحالفات وتنسيق فقد شرعت هي الاخرى في البحث عن صياغة تحالفات جديدة بعيدا عن واشنطن ويبدو ان الوجهة هذه المرة هي الشرق.
الخيار الخليجي بإدارة الظهر للتحالف مع الولايات المتحدة الامريكية بدا واضحا خلال الاسابيع الفارطة حيث استقطبت العواصم الخليجية القيادات الأسيوية في مسعى جدي لتعزيز تحالفات قديمة و إنشاء تحالفات جديدة على أنقاض اخرى. فكانت زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى السعودية موضع ترحيب كبير، إذ استقبله العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، وتم توقيع عدد من الإتفاقيات الثنائية كان مِن أهمها توقيع إتفاقٍ تعاون نووي بين الرياض وبكين.
الزيارة الثانية للرئيس الصيني للسعودية بعد زيارته الاولى عام 2006 وصفها مراقبون بالمثمرة والناجحة بالنسبة للبلدين حيث تم خلالها توقيع عدد من الاتفاقيات المشتركة في عدد من المجالات لعل اهمها مذكرة التفاهم للتعاون بين شركتي "ساينبوك" الصينية و"ارامكو" السعودية. كما توجه العاهل السعودي مع الرئيس الصيني خلال هذه الزيارة الى قصر المربع التاريخي أين تم افتتاح مركز الملك عبد الله للبحوث البترولية. وهي دلالة واضحة على قوة العلاقة بين الرياض وبيكين وعلى الارادة المشتركة لتعزيز التعاون المشترك بين البلدين.
ولعل العلاقات العسكرية بين البلدين ليست بذلك القِدَم، أي أقل بنصف قرن تقريبا من عمر علاقات الرياض وواشنطن، إلا أن بكين زودت الرياض بأسلحة إستراتيجية لمواجهة نفوذ طهران حينها، منها صواريخ "رياح الشرق". وزيارة الرئيس الصيني سبقها عدة زيارات هامة كان اللافت فيها زيارة رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف، وأركان القيادة العسكرية، للرياض، وتجديد تحالف عسكري عمره عقود مِن التعاون المستمر.
وبهذا التوجه الآسيوي الذي تقوده الرياض يمكن القول بأنه رد فعل على التلكؤ الأمريكي الذي لاحظه الخليجيون من قبل إدارة أوباما، إزاء خلافهم المزمن مع دولة الملالي في طهران. وقبل هذه الزيارة الصينية كان أمير قطر يزور روسيا لمباحثات دبلوماسية حول ملفات المنطقة،
وعلى ضفة الخليج الذي لا تسميه إيران عربياً، تستعد المنامة لاحتضان مؤتمر الحوار الهندي العربي الذي ينتظر بان يكون مناسبة لتوقيع عدد من الاتفاقيات الثنائية المشتركة ولتطوير العلاقات الديبلوماسية الهندية والعربية.
لن يختلف اثنان على ان تصدع العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية يعد خسارة كبرى لأي بلد كان. لكن ما تناسته ادارة اوباما ان لدول الخليج العربي نفوذ كبير وقوة ديبلوماسية في المنطقة تجعل من كل القوى العالمية تتمنى عقد تحالفات معها ولعل هرولة قوى اقتصادية وعسكرية وسياسية كالصين والهند وروسيا إلى صياغة تحالفات معها خير دليل على ذلك. خلاصة التوازنات والوضع الجديد أن ايران قد تستفيد كثيرا على المستوى الاقتصادي والعسكري وكذلك المالي من تحالفها مع " الشيطان الاكبر" كما كانت تصفه سابقا لكن الاكيد بان الولايات المتحدة بتقربها من ايران خسرت حليفا استراتيجيا قويا في المنطقة الا وهو الخليج العربي .