الاتحاد - في السابع من شهر فبراير الجاري أطلقت كوريا الشمالية صاروخاً ثلاثي المراحل، وزعمت أنها أرسلت إلى الفضاء قمراً اصطناعياً استطلاعياً يزن 100 كيلوجرام. ومن الواضح أن القمر دار حول الأرض ومر فوق استاد ليفي لكرة القدم الأميركية في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا الذي شهد لتوه الدورة السنوية الخمسين لبطولة «سوبر بول». ولأن قيادة دفاع الفضاء الجوي الأميركية الشمالية في الولايات المتحدة هي التي أكدت وجود القمر الاصطناعي فإنه لا يمكن التعامي عن كون هذا أحد أمثلة تعزيز كوريا الشمالية لقدراتها النووية والصاروخية.
وحتى الآن لم يتم استكشاف إشارات من القمر الاصطناعي الجديد، وهناك كثير من التكهنات بأنه ليس قمراً اصطناعياً للأرصاد الجوية مصمماً لصالح مزارعي كوريا الشمالية، بل الغرض من إطلاق وإرسال الجهاز هو مواصلة برنامج يقصد به التزاوج بين الرؤوس النووية والصواريخ طويلة المدى. وسبب القلق هو من كون إرسال صاروخ ثلاثي المراحل إلى الفضاء قد تكون له قوة دعم كافية لإرسال صاروخ عبر المحيط الهادي والوصول إلى الولايات المتحدة.
وجيران كوريا الشمالية وبخاصة كوريا الجنوبية واليابان لديهم كثير مما يقلقون بشأنه مع الأخذ في الاعتبار عدد الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى التي صنعتها كوريا الشمالية على مدار العقد الماضي. وهذه الصواريخ حتى المزودة منها برؤوس حربية تقليدية قد تتسبب في مزيد من الدمار لكلا البلدين في حال نشوب حرب واسعة النطاق. وعلى رغم أن هذه الصواريخ ليست دقيقة بما يكفي لتكون ذات تأثير كبير في إصابة أهداف عسكرية محددة، إلا أن تأثيرها في نشر الرعب بين السكان المدنيين سيكون كبيراً. وزيادة على التهديدات المباشرة التي تمثلها الترسانة النووية الكورية الشمالية المتنامية هناك قلق واسع النطاق أيضاً بشأن سياساتها في تصدير التكنولوجيا العسكرية التي تضمنت بيع مكونات صاروخية ونووية لباكستان وسوريا وليبيا في ظل حكم العقيد معمر القذافي. وقدمت كوريا الشمالية أيضاً تكنولوجيا صناعة الصواريخ لإيران. والأكثر شؤماً هو احتمال نقل المواد النووية إلى جماعات إرهابية بما قد يمكنها من صنع قنابل قذرة.
وأكبر العراقيل أمام التصدي لبرنامج كوريا الشمالية الصاروخي والنووي هو تردد الصين في استخدام القوة الاقتصادية لوقف هذه الأنشطة، والصين لن تفعل هذا لأنها تخشى بعض العواقب الوخيمة وغير المرغوبة التي قد تهدد أمنها، فقد يتمخض فرض أي عقوبات اقتصادية كبيرة من قبل الصين على كوريا الشمالية عن انهيار النظام الحاكم في بيون جيانج مما قد يؤدي إلى فوضى كبيرة وخروج جماعي للملايين من سكان كوريا الشمالية إلى الصين، وأية عقوبات كبيرة تفرضها الصين قد ينظر إليها النظام الكوري الشمالي باعتبارها تهديداً كبيراً مما يدفعه إلى خوض حرب ضد كوريا الجنوبية، وهو ما قد يأتي إلى المنطقة بحليفتها الولايات المتحدة التي ما زالت تحتفظ بنحو 30 ألف جندي في شبه الجزيرة. ومثل هذه الحرب قد تكون كارثية على شرق آسيا، وقد تتسبب في عمليات إعاقة شديدة للتجارة الدولية، وتضر بشكل خاص بالاقتصاد الصيني الذي يعرف حالة من الضعف.
وتخشى الصين أيضاً إذا انهارت كوريا الشمالية أن ينتهي بها المطاف إلى أن تندمج في كوريا الجنوبية كما اندمجت ألمانيا الشرقية في ألمانيا الغربية بعد سقوط جدار برلين في عام 1989. وتوحيد الكوريتين قد يمثل تهديداً للصين لأن كوريا الموحدة يمكنها أن تتعاون مع اليابان وفيتنام والفلبين في مسعى الحد من المطامح الصينية في الاستحواذ على أراضٍ في بحري الصين الشرقي والجنوبي ومناطق أخرى. وحالياً ليس بوسع المجتمع الدولي إلا الانتظار وترقب ما إذا كان العمل الاستفزازي التالي الذي ستقدم عليه كوريا الشمالية سيقنع الصين بأن تستخدم نفوذها لوقف تحدي البرنامج العسكري لكوريا الشمالية. والصين لن تفعل هذا إلا إذا استقر في يقينها أن مزيداً من الضغط على كوريا الشمالية ضروري لمنع التصعيد وللحيلولة دون نشوب حرب إقليمية محتملة. والصين حتى الآن غير راغبة فيما يبدو في اتخاذ مثل هذه الإجراءات حتى إذا كانت قلقة حقاً من احتمال وقوع تصعيد خطير.