2016-02-22 

لبنان.. رسائل الحزم تترى

فهد الطياش

الرياض - يصعب على اللبناني العروبي أن يرى بلاده رهينة للقرار الإيراني الذي أفقده الكثير من التميز والدعم. وقد حاولت الكثير من الأصوات اللبنانية العاقلة أن تكشف عن زيف رسالة النأي بالنفس عن بعض المواقف السياسية الدولية وتحديدا المواقف المتعارضة مع التكوين السكاني والقانوني. ولكن هذا الموقف الدرامي لم ينجح في كل فصول مسرحية الزيف السياسي، فالاعتداء الإيراني على السفارة والقنصلية السعوديتين هو اعتداء على بلد عربي وهو انتهاك للأعراف الدبلوماسية والقوانين الدولية. ومع هذا يأتي الموقف اللبناني المؤيد لإيران ليبيع فكرة خاسرة تتمثل بالنأي بالنفس على جمهور عريض بات يعرف عن السياسة مثلما يعرف الساسة أنفسهم.

 

ولذا جاءت رسالة الحزم الثانية بوقف الهبة السعودية المتمثلة في دعم الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي بقيمة أربعة بلايين دولار. فكيف كانت تلك الأصوات النشاز عندما اعلن عن الهبة وهل أظهرت مصلحة لبنان كما أظهرت مصالح الولي الفقية في نبرة ممانعة مزيفة؟

 

أعتقد أن من يتابع المواقف السياسية اللبنانية التي ظهرت بعد الموقف السعودي والتأييد الخليجي ستكشف عن تحرك لبناني عسى أن يعيد هذا البلد العربي الجميل الى الحضن العربييتم هذه الأيام تداول صورة بسيطة في وسائل التواصل الاجتماعي تقارن بطريقة عميقة جدا في رسالتها الوضع في لبنان. فالصورة الأولى تُظهر وسط بيروت الذي عاد الى اجمل ما كان عندما كان الشهيد رفيق الحريري على رأس الحكومة اللبنانية، ونعرف من هو الحريري وما حقيقة الدعم السعودي له وللبنان، وبعد ذلك تعرض في صورة أخرى لذات الوسط البيروتي الشهير هذه الأيام في زمن الاختطاف الإيراني للبنان وفي زمن احتجاجات المواطن اللبناني والتي عرفت بمظاهرات "طلعت ريحتكم" في رسالة عن ضعف حكومي حتى عن إزالة النفايات من الشوارع.

 

وتتبع تلك المقارنة رسالة أخرى تقول: متى ستظهر حملة "طلعت خيانتكم" لفريق حماية مصالح الفُرس في بلد عربي، ليضغط الشارع اللبناني على كل سياسي باع البلد للولي الفقيهولعل من يريد أن يثبت عكس زيف الادعاء بانعكاس الدعم الإيراني للبنان على جميع اللبنانيين، عليه أن يقدم جردة واضحة على ارض الواقع، وهي ليست بحاجة الى كثير من الخبرة أو التفكير، وإنما متابعة دقيقة ورصد توثيقي يكشف عن هذا الزيف. ولكن فيما يبدو ان الكثير من وسائل الإعلام اللبنانية ستعود لاحقا الى ساحة كشف هذا المشهد بعد أن اشغلت العالم العربي بقضية الرئاسة اللبنانية والتي باتت جزءا من المشهد المؤلم المبكي الذي يتوج هذا الارتهان اللبناني للولي الفقية وممثله في الضاحية. بل لعل وسائل الاعلام اللبناني تكشف لنا عن عدد اللبنانيين في ايران وعوائدهم على الاقتصاد اللبناني، في مقارنة مع دول الخليج التي لم تفرق بين لبناني طائفيا كما هو مفترق على جغرافية لبنان.

 

مشهد رسالة الحزم الموجهة للبنان وغيره لم يكتمل بعد، فمن يقرأ الخطوات الخليجية يعرف أن الوضع لم يعد يحتمل الكثير من المجاملات والدبلوماسية الناعمة. فالأمن الوطني والخليجي خط أحمر لن تتساهل فيه دول المجلس. وعودة لبنان الى الحضن العربي بلا أدنى شك تفرح العرب وهو المأمول، وأظن مع كل محب لهذا البلد القائم على الاقتصاد السياحي أن يعود الى محيطه العربي الذي اثبتت جميع التجارب أن الجانب العربي أكثر نفعا للبنان واقتصاده في الداخل والخارج.

 

ولن يستمر تصديق زيف رسالة المقاومة والممانعة الى أمد أطول مما سبق. فرسالة الحزم ليست اقتصادية في طبيعتها، وإنما هي بشكل أوضح تقول "لن يكون لإيران فرصة للتدخل في الدول العربية بعد الآن، ولن نسمح لها بدق أسافين الفتنة وزرع العملاء والوكلاء في الوطن العربي.

 

بل إن هناك من يراهن على تتابع رسائل الحزم الى لبنان لتصل الى سحب الودائع بدون فوائد لدعم الاقتصاد اللبناني، وربما أيضا تشمل ترحيل بعض اللبنانيين الداعمين لحزب الله. فرسائل الحزم تتكامل في رسالة واحدة تؤكد رفض الموقف اللبناني المعبر عن رأي الولي الفقية إلى أن يعود المكون السياسي اللبناني الى توجيه دفة مستقبل بلده ويعيده الى حضنه العربي. فمسرحية المقاومة، وسلاح المقاومة لم يعودا يجديان حتى مع اللبناني الشيعي الذي بات يعود في توابيت الموت من سورية.

 

خلاصة القول إن اللبناني الذي يعرف مصلحته هرب من بلاده وهاجر، ومن بقي في بلده ظل تحت رحمة وكلاء الخارج ولكنه اقرب لمعرفة أين تكمن مصلحته. فلمس مصلحته مع شقيقه العربي الخليجي، وهو يعيش اليوم مأساته تحت جنة الولي الفقيه وصبيانه، وبات هذا اللبناني يتوق الى معادلته الشعبية التي تتردد في عقله الباطن "بدنا ناكل عنب ما نقتل نواطير". وهي معادلة قد تغيرها عقلية اللبناني التاجر بعد أن عبثت بها عقلية اللبناني المُتاجر.

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه