الرياض - استغلت إمبراطورية الفرس مناذرة العرب بمثل ما استغلت إمبراطورية الروم غساسنتهم. وكان العرب جنودا وخدما لهاتين الامبراطوريتين لقرون. خاضا حروبا مع أبناء عمومتهما لحماية أطراف الإمبراطوريتين مقابل حرية مشروطة منحت لهما. لم توثق هذه العلاقة بمعاهدات ولا ذُيلت بتواقيع لأنهما أشبه بعلاقة الخادم بسيده. كما لم يسجل التاريخ للمناذرة ولا للغساسنة أية مساهمة في الحضارة الإنسانية ولا إبداعات على المستوى الإقليمي.
قام المسلمون بقيادات عربية (يكرهها كل من تجري في عروقه الدماء الفارسية) بالقضاء على الامبراطوريتين في فترة زمنية قصيرة واختفى معهما الدور الخدمي الذي كانت تقوم به المناذرة والغساسنة.
ولكن الفرس لم ولن ينسوا للعرب ذلك، فقرروا اختراق العرب والمسلمين من الداخل. وكان لهم ما أرادوا ووجدوا في الطائفية ضالتهم، فتبنوا موقف المؤيِّد وربما أهم من ذلك المؤيَّد -حسب ادعاءهم- من أعلى سلطة في الدين الجديد. واستطاعوا، مع مرور الزمن، تشويه هذا المذهب والتلاعب بأنساب أحفاد المصطفى عليه الصلاة والسلام حتى أصبحوا سادة الدين.
ولكن هذا الحب المُدَّعَى للرسول صلى الله عليه وسلم لم يقابله تقديس لمقدسات الإسلام ولا احترام لشعائره، فقد استبدلت مقدسات المسلمين ببدائل في النجف وكربلاء وقم. وصار الحج إليها يكتسب قدسية تفوق كل قدسية لدى عامة المسلمين (النجف الأعظم)، كما أنهم قاموا بالتآمر على الحجاج والتسبب في مقتل الآلاف منهم ولولا توفيق الله ثم يقظة أجهزة الأمن السعودية لتحول الحج في كل عام إلى مناسبة للثأر الفارسي من المسلمين والعرب.
لقد استطاع الفرس بعث المناذرة من جديد بأمر الولي الفقيه. ولكن المناذرة هذه المرة ليسوا على حدود فارس فقط بل في كل قطر عربي وإسلامي"
- حزب الدعوة والحشود والفيالق العراقية.
- حزب الله اللبناني.
- أنصار الله.
- أحزاب الله في دول الخليج ومصر وفلسطين وبلاد المغرب العربي.
بل تعدى ذلك إلى الدول الأفريقية والآسيوية والأميركتين.
هكذا عادت عبودية مناذرة العرب للفرس من جديد، فهم على استعداد لقتل إخوانهم وتدمير أوطانهم مقابل رضا سيدهم في قم ووكلائه في طهران. كما استطاع الفرس شراء بعض الأقلام العربية من مرتزقة الإعلام العربي.
في مقابل تلبس الفرس للطائفية لتحقيق الهدف الأسمى في محيطهم الإقليمي، استطاعوا اختراق العقلية الغربية بثوب مختلف يسعى لذات الهدف بدون الحاجة إلى التدين، بل على العكس من ذلك فقد تم تجنيد علمانيين للقيام بدور المنافح عن المصالح الفارسية في أوروبا وأميركا، ونجحوا إلى حدٍ كبير، كما سوقوا لفريق الإصلاحيين مقابل المحافظين، برغم أن أشد الإصلاحيين انفتاحا يبقى في خانة اليمين المتطرف ففي فترة محمد خاتمي تم رفع ميزانية حزب الله اللبناني الإرهابي من بضعة ملايين إلى مئتين وثمانين مليون دولار.
يبقى سؤال مهم: إلى أي مدى ساهمت وستساهم القوى السياسية والدينية في العالم العربي بالتمكين للفرس من خلال تبني الطائفية؟!