فتحت التفجيرات التي هزت السعودية مؤخرا المجال أمام عدة تساؤلات حول مستوى الخطورة الذي أصبحت تشكله التنظيمات الإرهابية على أمن المملكة وكذلك مدى إنخراط الشباب السعودي فيها.
في هذا السياق نشرت وكالة رويترز قراءة تحليلية أكدت فيها بأن تمكن الارهابيين الذين نفذوا العمليات من صناعة ع سترات متفجرة أو إدخالها للسعودية وكذلك تنسيق الهجمات الانتحارية الثلاثة في توقيت واحد يعكس تحول جديدا في التهديدات الارهابية التي تستهدف المملكة لكنها في الأن ذاته تؤكد بأن عدم وقوع عدد كبير من الضحايا الابرياء بسبب هذه التفجيرات يؤكد بأن عملية التدريب و التحضير والتنفيذ ضعيفة جدا لدى خلايا التنظيمات الارهابية في المملكة.
وفي هذا السياق يؤكد مصطفى العاني وهو خبير أمني عراقي في مركز الخليج للأبحاث الذي يوجد مقره في جدة أن الارهابيين الذين نفذوا التفجيرات ضعفاء من الناحية الفنية وكذلك من الناحية النفسية ومن ناحية التدريب أيضا.
لكن محللين أمنيين يعتقدون أن تمكن الارهابيين من تصنيع سترات ناسفة أو الحصول عليها والتخطيط لثلاث هجمات في ذات اليوم يشير إلى وجود سلسلة قيادة وشبكة إمداد وهو ما يمثل تهديدا هائلا.
ورغم يقضة قوات الأمن السعودية إلى أن التعامل مع هذا الواقع الجديد يبدو صعبا جدا بالنظر إلى أنه لا توجد شبكة من الخلايا المترابطة تحت قيادة مركزية في السعودية يمكن لأجهزة الأمن اختراقها أو تدميرها.
وفي هذا السياق كان مسؤول أمني سعودي كبير لرويترز العام الماضي "أن التنظيمات الارهابية وخاصة داعش يطلبون من الشبان المكوث في السعودية وتكوين خلايا نائمة وهذا أمر خطير للغاية لأن إدراك من هو المنتمي لخلية نائمة ومن الذي سيقوم بهجوم فردي أمر صعب.
إلى ذلك تنقل رويترز عن خبير أمني تأكيده بأن عدم وجود قيادة داخل البلاد قادرة على اختيار المجندين بعناية وتأهيلهم وتوفير التدريب وتصنيع القنابل مركزيا وإعداد المهاجمين نفسيا يعني أن الكثير من عملياتهم الارهابية غير مؤثرة، إذ تشير التقارير أن الشرطة السعودية إقتربت من المهاجمين في كل من جدة والمدينة في مرأبي سيارات قرب أهدافهم المحتملة لأن التوتر الذي ظهر عليهم أثار ارتيابا كما فجر مهاجم جدة عبوته الناسفة على مسافة بعيدة جدا من رجال الشرطة فلم يسقط منهم أي قتلى.
إلى ذلك لا يمكن إعتبار قلة التدريب فقط هو سبب فشل العمليات الارهابية بما أن ذلك يعو لنجاح المقاربة السعودية في تضييق الخناق على الارهابيين ومخططاتهم حيث يؤكد السفير الأمريكي السابق تشاز فريمان أن السعودية توصلت إلى استراتيجية ناجحة للتعامل مع هذا النوع من المشكلات من خلال تنفيذ حملة شعبية مؤثرة للتوعية الجماهيرية في المساجد، مضيفا بأن عامل النجاح الثاني أن لدى السعودية آليات شديدة الفعالية للأمن الداخلي مكنتها من رصد الشباب خلال عملية تحولهم للإرهابيين حيث صاحبت الأساليب الأمنية إجراءات أخرى إذ استعانت مراكز إعادة التأهيل المخصصة للمتشددين برجال دين لشرح أن طاعة ولي الأمر أهم من القرارات الفردية بالذهاب للدفاع عن المسلمين في الخارج.
وفي الوقت نفسه أتيح لوسائل الإعلام السعودية إجراء مقابلات مع شبان عادوا من القتال في الخارج أذيعت حكاياتهم عن الواقع الوحشي للحياة بين الجماعات المتشددة في محاولة لإثناء الآخرين عن هذا المسلك.
هذا ونجحت السعودية في تضييق الخناق على تنظيم القاعدة منذ هجماته بين عامي 2003 و2006 وهو ما اضطر تنظيم الدولة الإسلامية للاتجاه إلى نموذج التحكم عن بعد في منفذي هجمات فردية أو خلايا نائمة، فيما يقول دبلوماسيون غربيون أن المملكة قامت بواحدة من أكبر عمليات مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط في عهد ولي العهد ووزير الداخلية الأمير محمد بن نايف أين ألقى القبض على أكثر من 15 ألف مشتبه به منذ بدأت حملة تنظيم القاعدة.
إلى ذلك وأمام نجاح المقاربة الأمنية السعودية إتجهت التنظيمات الارهابية إلى إستغلال تعاطف الشباب السعودي مع اخوانهم من السنة المضطهدين في العراق وسوريا لاستقطابهم عبر ألعاب الفيديو على شبكة الانترنات لكن وعلى الرغم من صعوبة مراقبة هذه السياسة إلا أن اللواء منصور التركي يؤكد بأنه وعلى الرغم من محاولات داعش أن تكون نشيطة جدا على وسائل التواصل الاجتماعي لكن السعودية ستنتصر بفضل "عملياتهم الحمقاء فكيف يمكن أن تدافع عمن يقتل الأبرياء في المساجد؟"