العرب - يُظهر تنظيم "داعش" قدرته تجنيد أفراد من مناطق مختلفة حول العالم عبر استقطابات يستغل فيها التكنولوجيا الحديثة العابرة للزمان والمكان، ومع ازدياد الضربات التي توجهها القوى الدولية لهذا التنظيم واستهدافه وتتبع أنشطته، وتضييق الخناق عليه وعلى أتباعه ومؤيديه، يخشى هذا التنظيم انقراض فكره المبني على العنف والكراهية والتطرف، لذا رأيناه يلجأ إلى واحدة من أشنع الطرق التي تظهر تغوله وتوحشه، فمنذ فترة أظهر التنظيم نوعاً جديداً من القدرة على تجنيد أطفال وصغار سن في المناطق التي يسيطر عليها في سورية والعراق.
يسعى تنظيم "داعش" جاهداً توريث أفكاره وأيديولوجيته إلى جيل آخر، فبين فترة وأخرى يبث التنظيم المتطرف مقاطع تظهر قدرته تجنيد الأطفال وتعويدهم على ارتكاب أعمال وحشية غاية في الدموية، يحاول من خلالها إيصال رسالة مفادها أن بإمكانه الاستمرار، من خلال صناعة أجيال تحمل الفكر ذاته، وهو بذلك يتفادى أخطاء التنظيمات المتطرفة الأخرى، التي تركز على البالغين، ومن هم في سن المراهقة باختطافهم لحظة طيشهم ونزقهم، ف"داعش" يحاول ليس تجنيد الأطفال من أجل استغلالهم في الأعمال القتالية فحسب كما تفعل الكثير من التنظيمات التي تتبع الطريقة "المليشياوية" بل أيضاً لتربيتهم على أفكار يجبلون عليها باعتبارها ثوابت وهذا من شأنه إطالة أمد محاربة التنظيم، حتى في حال سقوط "داعش" والقضاء على تواجده الجغرافي، فإن هناك عناصر ترعرعت على رؤية الدماء والاستهتار بها وهذا يتضح من خلال دفع هؤلاء الأطفال على تنفيذ إعدامات بدم بارد كما ظهر على المسرح الروماني في "تدمر" وغيرها.
لقد بدا تنظيم "داعش" قادراً بشكل كبير على استغلال نوافذ يستطيع من خلالها الولوج إلى أذهان الأطفال وصغار السن، مستخدماً ألعاب الفيديو ووسائل الإعلام الاجتماعي، لذا لا غرابة في أن نجد بأن من ضمن موجودات عمليات الدهم التي تقوم بها الأجهزة الأمنية على بعض مواقع المتطرفين وجود أجهزة ألعاب الفيديو فهي أداة التجنيد في العصر الحديث.
إن مثل هذه الخطوات التي يسعى "داعش" من خلالها ضمان استمرار أفكاره الظلامية ستترك في نفوس هؤلاء الأطفال لا محالة أثراً لتلك المرحلة قد تجعل منهم أجيالاً قابلة ل"الدعشنة"، وهو ما يلزم معالجته على المستوى النفسي بشكل حثيث في الإطار الضيق المحلي وحتى الدولي تفادياً لتكرار ما جرى وحصل.