الرياض - خلال عام قامت المملكة بتوقيع ثلاث اتفاقيات لإنشاء مجالس تنسيق مع ثلاث دول محورية في الشرق الأوسط هي مصر وتركيا والأردن، ولكل من هذه الدول أهمية في نطاقها الجيواستراتيجي بشكل عام.
وتنظر الرياض إلى المكاسب الكبيرة التي ستجنيها المملكة والدول الثلاث باعتبارها قادرة من خلال مواقعها الجغرافية وعمقها التاريخي وقدراتها العسكرية على منح المنطقة عوائد وفوائد سياسية واقتصادية بمردود ينعكس على العاملين السابقين يضاف إليهما العامل الاجتماعي المهم، فالعواصم الثلاث التي وقّعت معها الرياض لها أهمية جيوسياسية؛ فمصر تعتبر عماداً ومرتكزاً مهماً في إفريقيا وجنوب المتوسط وتركيا على المستوى الجغرافي تعد في الواقع حائط "الناتو" من الجهة الجنوبية وبوابة أوروبا، والأردن بوابة الشمال بالنسبة للجزيرة العربية، تلك القراءة السريعة لتأثير الجغرافيا على السياسة تخبئ وراءها عوامل جيواقتصادية هائلة يضيق فضاء الكتابة هنا بذكرها.
من هنا يأتي دور جسر الملك سلمان كمشروع ريادي في عملية الربط بين القارات الثلاث، السعودية والأردن في آسيا ثم إفريقيا حيث مصر وتركيا في أوروبا، وهذا سيعزز المكانة الجيوسياسية لكل تلك البلدان الأربعة ويمنحها عمقاً ممتداً داخل القارات الثلاث، ويعمل على تقوية المنطقة الشرق-أوسطية بشكل أكبر ويَحول دون تأثرها في ظل الاختلالات الكبيرة في منطقة الهلال الخصيب والتي تعتبر الأردن ومصر (سيناء) جزءاً منها.
قبل أيام تم توقيع اتفاقية إنشاء مجلس تنسيقي مشترك بين المملكة والأردن، ويعبر هذا الاتفاق عن حالة متقدمة من التعاون بين المملكتين المتجاورتين، وكلا البلدين مدركٌ لدوره في المنطقة وأهمية الاضطلاع بما تمليه العوامل والوقائع الحالية التي تعيشها.
وقد جاء المجلس التنسيقي ليؤطر التعاون القائم بين الرياض وعمّان وينقله إلى شكلٍ أكثر مأسسة وفعالية لتحويل التعاون إلى شراكة ملموسة باستغلال المقدرات التي يحظى بها البلدان وتحويلها إلى مكاسب يجنيها الجانبان، وعملياً سيكون حجم الفائدة المرجوة مجزياً على اقتصاد البلدين، لا سيما في قطاع التعدين وتحديداً في مجال الاستفادة من كميات اليورانيوم المتوافرة بشكل كبير والمجدية على المستوى الاقتصادي في الأردن والمملكة على حد سواء.
وللأردن دور عسكري وأمني أساسي وحيوي في المنطقة، وستعمل الرياض وعمّان على تقوية هذا الدور بالتعاون المستمر والبناء على مستوى التحالف الإسلامي في مكافحة الإرهاب عبر استهداف التنظميات المتطرفة، بالإضافة إلى درء التدخلات الإيرانية وهو ما سيسهم في إكمال منظومة التعاون والتنسيق المشترك بين الجانبين.