تشهد العلاقات السعودية الفرنسية جمودا كبيرا تجلى في فشل عدد من الصفقات والاتفاقيات بين البلدين. جمود وفشل يؤكد عدد من المراقبين بأن الحكومة الفرنسية مسؤولة عنه بالدرجة الاولى.
وفي هذا الاتجاه تذهب صحيفة "فرانس انفو الفرنسية" في مقال نشرته اليوم ترجمته عنها الرياض بوست، حيث أكدت الصحيفة بأن الاخفاق الفرنسي في كسب ود المملكة العربية السعودية يعود بالاساس الى السياسة الفرنسية في تعاملها مع السعودية حيث حافظت الحكومة الفرنسية وفق الصحيفة على نفس سياستها القديمة في التعامل مع دولة قوية وشريك إستراتيجي تغير كثيرا.
الصحيفة الفرنسية عنونت مقالها " عقود فاشلة بين فرنسا والمملكة العربية السعودية " وعددت العقود الكبيرة والكثيرة التي أخفقت حكومة فرنسوا هولند في إبرامها مع المملكة العربية السعودية بداية من مشروع "ميترو مكة " الذي فازت بإنشاءه شركة صينية، إضافة الى مشروع قطار TGv بين جدة والمدينة والذي فازت بصفقة انجازه شركات أمريكية واسبانية.
صفقات تؤكد "فرانس انفو" بأن فرنسا وبحكم علاقتها المتينة والتاريخية مع السعودية كانت الاقرب للفوز بها لكنها فشلت في ذلك. وهو الفشل الذي أصبح بطعم المرارة والاهانة التي لحقت فرنسا في شهر أكتوبر من عام 2015 عندما سافر رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس للسعودية مرفوقا بعشرات من رجال الاعمال الفرنسيين وكان الهدف حينها توقيع اتفاق بقيمة 10 مليار دولار بين باريس والرياض والدفاع عن سمعة فرنسا لدى المملكة وعن جدارتها بان تكون شريك لها.
لكن ما حصل خلال هذه الزيارة دائما وفق الثحيفة مثل تأكيدا لفالس وفرنسا بأن أسهم فرنسا لدى السعودية تهاوت كثيرا، حيث تؤكد الصحيفة بأنه ورغم الاتفاق بين وفد مانويل فالس والحكومة السعودية على ابرام اتفاق ثنائي يقضي بتسليم باريس طائرات ايرباص في الساعة العاشرة ليلا من يوم وصول الوفد الفرنسي للرياض الا أن الوفد فوجئ في الساعة الثالثة صباحا بإلغاء الاتفاق من الطرف السعودي. وهي صفعة مؤلمة تلقتها حكومة هولند ودرس سعودي قوي ومدروس لفرنسا حتى تعتبر من أخطائها.
وعن أسباب الفشل الفرنسي الذريع في أبرام هذه الصفقات الكبيرة يؤكد " أوليفيه دا لاج" الصحفي في أذاعة فرنسا الدولية أن السعودية فقدت ثقتها في فرنسا، وبأن إستراتيجية الحكومة الفرنسية في التعامل مع السعودية لم تعد تقنع السعوديين ويضيف الصحفي بأن القادة الفرنسيين كانوا في كل مرة يقولون للصحفيين الفرنسيين الذين يرافقونهم لزيارة الرياض بأنهم سيوقعون إتفاقيات كبيرة، لكن الامر اصبح خارج حساباتهم وما فعله القادة السعوديون بعدم اتمام صفقات طائرات ايرباص درس أرادت الحكومة السعودية ايصاله للاليزيه وضيوفها.
الفشل الفرنسي وفق الصحيفة الفرنسية في كسب ود السعودية تعدى كل الحدود وهو ما يتأكد من خلال قرار المملكة بعدم التعامل مجددا مع مؤسسة "اوداس" لابرام صفقات التسليح مع فرنسا وكذلك من خلال القرار السعودي بايقاف تمويل المساعدات الفرنسية للبنان.
وتضيف الصحيفة الفرنسية تأكيد الباحث" فرنسوا هايسبورغ " بأن الاخفاق الفرنسي الذريع مع السعودية مرتبط أيضا بالتغييرات التي طرأت على سياسة المملكة وقيادتها، ذلك أن تولي ولي ولي العهد محمد بن سلمان وولي العهد محمد بن نايف زمام الامور في عدد من المسائل الحساسة جعل سياسة السعودية تتغير وتتعقد اكثر مع باريس .
كما تشير الصحيفة الى أن إعتماد ولي ولي العهد الشاب محمد بن سلمان على مستشارين أكفاء ونخبة من المختصين في الاتصال هو أحد أسباب تغير السياسة السعودية وفقدانها للثقة مع فرنسا.