2016-07-11 

الصراع السعودي الإيراني: نقاط يمكن البناء عليها لتفادي "الكارثة الكبرى"

من الرياض فهد معتوق

دخل الصراع السعودي الإيراني مرحلة أصبحت تنذر بالخطورة خاصة في ظل بروز مؤشرات تؤكد بأن أي ردة فعل قوية  مقصودة أو غير مقصودة من هذا الجانب أو من ذاك قد تتسبب في تحول الحرب الباردة بين القوتين الإقليميتين إلى حرب ساخنة وهو ما يضع المنطقة ككل على فوهة بركان.

 

 


خطورة خروج الأزمة عن نطاقها الطبيعي وتهديدها للأمن والإستقرار في منطقة الشرق الأوسط تعيه القيادة السعودية وهو ما يظهر من خلال تأكيد  محمد بن سلمان ولي ولي عهد المملكة العربية السعودية ووزير الدفاع، في مقابلة له أجرتها مجلّة ذي إيكونوميست في يناير الماضي على  أنّ الحرب بين المملكة العربية السعودية وإيران ستكون البداية لكارثة كبرى في المنطقة مضيفاً بأن المملكة لن تسمح بحدث ذلك. لكن وعي السعودية بخطورة تطور الوضع وخروجه عن السيطرة لا يحجب وفق   مؤشرات تهدد منسوب الاستقرار في العلاقات بين البلدين أولها  التعصّب الطائفي المتصاعد، والذي برز بشكل كبير في الحوادث المليئة بالانقسامات التي زرع بذورها الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، ولم يؤدي ذلك إلا إلى تفاقم العداء القديم بين البلدين دائما وفق سلطان بركات مدير مركز الابحاث في مركز بروكنجز في الدوحة في مقال له في موقع المركز .

 

 

أما ثاني العوامل التي تهدد هذا الاستقرار فهي سيطرة  شبكة من قادة الميليشيات، والمجاهدين، وأجهزة المخابرات، وعلماء الدين على الدولة والتي عوضا عن تحقيق المصالح الوطنية، مثل تحسين التعاون الإقليمي أو زيادة الاستثمار الداخلي، فقد خدمت السياسة الخارجية الإيرانية مصالح تلك الشبكة إلى حد كبير. وهذه هي الجهات المعرّضة للخسارة الكبرى إذا أصبحت إيران أكثر انفتاحاً، إذ يقلّ مجال عملها في الظل.

 

 

إلى ذلك ورغم هذه الارضية القابلة للانفجار فإن فرص التهدئة والسلام بين السعودية إيران لا تزال قائمة حيث يعتقد   أن  على السعودية  بشكل عام رفع العقوبات على أيران، لأن من شأن ذلك أن يضغط على تلك الجهات التي تسيطر وتحتكر الان القرار السياسي في إيران، بالاضافة إلى وجود عدد من  المجالات المحتملة لمصالح البلدين  المشتركة والتي يمكن العمل عليها سويا، حيث  يعتمد اقتصاد الدولتين على النفط، وكلاهما يعمل من أجل الحد من هذا الاعتماد. يعتمد اقتصاد كل بلد إلى حد ما على نجاح الآخر، كما أن كليهما مستهدفان من المجموعات الإرهابية نفسها، بما في ذلك تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية. هذا ويواجه البلدان تهديدات بيئية مماثلة، بما في ذلك التسربات النفطية، والتحديات المتعلقة بالتصنيع المتسارع، ونقص المياه. بالتالي، يمكن لإيران والمملكة العربية السعودية العمل معاً في هذه المجالات.

 

 

 

هذا ويعتقد سلطان بركات أنه لا تزال فرص التعاون المشترك بين الغريمين الاقليمين قائمة حيث يمكن لقوى خارجية أن تؤدي أدواراً بناءة مثل الدول الاوروبية  المطالبة بتيسير المزيد من الحوارات حول التسامح الديني في الشرق الأوسط، مع التركيز على رسالة عمان التي أطلقها العاهل الأردني الملك عبدالله في العام 2004 والتي تقضي بأنّ جميع المسلمين يتشاركون المصالح نفسها ويمكنهم أن يتحدوا. كما يمكن لأوروبا أن تكون أكثر حرصاً في التأكد من عدم استغلال رجال الدين الذين يشجعون على الطائفية والانقسام حق اللجوء السياسي من خلال استخدامه كمنصة لنشر المعلومات المحرّضة والدعاية الخاطئة التي غالباً ما تتحوّل إلى خطابات تبثّ الكراهية. وفي الوقت نفسه، من شأن الدبلوماسية المتعددة المسارات وأنواع مختلفة من التبادلات الثقافية والتعليمية والاجتماعية بين السعوديين والإيرانيين، وغيرهما أن تساهم في كسر حواجز سوء التفتهم والتعصّب.

 

 

 

ويستخلص بركات بأنّ الحرب بين إيران والمملكة العربية السعودية ليست حتمية، إلا أنّ على الجانبين اتخاذ خطوات الآن لتهدئة الأوضاع. ففي نهاية المطاف، ليس من مصلحة كلا الدولتين أن تسمح للعلاقات الضعيفة التي تجمعهما بأن تتدهور أكثر.

 

 

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه