حين أُسأل: لماذا تكتبين؟ أجد نفسي في كل مرة أجيب إجابة مختلفة عن سابقتها!
وكأن الأسباب تكتشف أنها ليست المعنية وحدها بالأمر، فهناك دوماً شركاء.
وفي مشاركة لي في كتاب "مقهى الأدباء" الصادر عن دار الأدب العربي عن سحر الكتابة وسرّ تعلقي بها، كتبت رسالة لصديق الحرف أبرر فيها فعل الكتابة، فقلت:
أنا أكتب، لأن كل شيء يصبح ممكناً حين أفعل. فليس مستحيلاً أن تبتسم الشمس أو أن يصبح لون البحر وردياً أو أن تتحدث إلينا الأزهار وتربت على أكتافنا حين نحزن. فالكتابة تمنحنا قوة هائلة تشحذها الحروف وتستفزها المشاعر. إنها من الطرق التي قررت أن أسلكها بكامل قواي العقلية، والحمدلله أني فعلت!
فقد كان خياراً لم أندم عليه حتى الآن، رغم تذمري أحياناً حين لا أكون بمزاج جيد لفعل أي شي سوى التحديق في الفراغ. حين بدأت في كتابة هذه الحروف لك، افترسني شعور بالخوف! لا تقلق فهو أمر طبيعي كلما بدأت الكتابة عن نفسي، لأنه أمر لا أجيده. لكني سأخبرك بما أراه مهماً ويستحق الذكر.
وبما أنك من محبي الأدب - وهذا يجعلنا تلقائياً أصدقاء - فأسرّ إليك بأهم الأدوات التي يجب أن تحظى باهتمامك وتركيزك بعيداً عن أي غفلة! حين تكتب يا صديق الحرف والكلمة، لا تنسى أن تكون إنساناً قبل أي شيء! لا تستعجل في حكمك فأنا في طريقي لإخبارك بما أعنيه.
أن تكون إنساناً في كتاباتك يعني أن تجعل الإنسانية لغتك التي تخاطب بها قارئ حرفك، لأنك حينها فقط ستصل إلى قلبه دون تعب يذكر، وهذا بالتأكيد سيكون أحد أهم عوامل نجاحك ككاتب.. وصديق! وليس كاتباً فقط!
إن الكتابة هي طريقة غير مباشرة لتكوين صداقات طويلة المدى، وتبقى أحياناً للأبد! بل يرتبط بقاؤها ببقاء الكتب.. والبشر. أما السر الآخر فهو ألا تكون كلماتك مجرد رجع الصدى لما يحدث!
أي أن تنتظر حدوث كارثة أو مشكلة كي تكتب وتنتقد وتنصح وتتذمر، فتصبح حروفك رد فعل فقط، بل كن خلاقاً ومختلفاً!
فالكتابة المميزة والمؤثرة هي خَلقٌ بالدرجة الأولى. لذا اخلق عوالم جديدة بكل تفاصيلها وألوانها! اكتب للمتعة.. للفرح.. للحزن..
وللعبرة. جرّب أنواعاً مختلفة من الكتابة ولا تتردد في أن تجازف ملتحفاً ورقة وقلماً، لأنك إن أخطأت فستتعلم وتصبح أكثر قوة، وإن نجحت فستكتشف نقاط قوتك لتعمل على استغلالها إيجابياً في التأثير الذي تهدف إلى إحداثه.
أخيراً.. لا تستعجل نجاحك. اعمل بهدوء وبتؤدة وبحب، واجعل تركيزك على ما تقوم به وجودة وقيمة ما تقدمه للإنسانية، وليس ما يقال ويتداول عنه.. أو عنك! وثق بأن النجاح في عالم الكتابة يتحقق حين تحافظ على جذوة شغفك مشتعلة، وتتغلب على ألم نزف حروفك.. كما أحاول دوماً أن أفعل.
@Randa_AlSheikh<https://twitter.com/Randa_AlSheikh>
Randa_sheikh@yahoo.com