في حياته المهنية التي استمرت عشر سنوات في مجال الخدمات المصرفية التجارية، لم يرى محمد مرفت الاقتصاد السعودي من هذا القبيل حيث يقول" كل شيء تقريبا يتحرك ببطء شديد " لكن المصرفي البالغ من العمر 36 عاما يؤكد بأن هناك أخبار جيدة حيث يتوقع أن يتراجع الانكماش بعد إعلان الحكومة إعادة الإعانات ومنح الرواتب لثلثي العمال السعوديين الذين إنخفص دخلهم في عام 2016.
مجلة Foreign Policy أوردت في هذا السياق تقريرا ترجمته عنه الرياض بوست أكدت فيه أن تخفيض جميع أجور القطاع العام يأتي كجزء من "رؤية 2030" لإعادة هيكلة والاقتصاد بعيدا عن النفط.
وينقل التقرير عن المصرفي تأكيده أنه "يتوقع الآن أن تعود الأعمال التجارية إلى ما كانت عليه من قبل" بعد الانخفاض الملحوظ في الانفاق الاستهلاكي نتيجة إعلان الحكومة في ايلول / سبتمبر الماضي تخفيض رواتب الوزراء بنسبة 20 في المئة وخفض الفوائد والبدلات لجميع الموظفين في القطاع العام . وبما أن ثلثي العاملين السعوديين يشغلون وظائف حكومية، فقد كانت التخفيضات في الرواتب مؤثرة.
وتزيد الأجور في القطاع العام في المتوسط بنحو 1.7 مرة عما هو عليه في القطاع الخاص، وبحلول عام 2016، ارتفعت فاتورة الأجور إلى 45 في المائة من إجمالي الإنفاق الحكومي. وعندما أعلن عن التخفيص في نيسان / أبريل، رأى العديد من المحللين في الخارج ذلك تأكيدا لمخاوفهم من أن السعودية لن تكون مستعدة أو قادرة على فرض تغيير حقيقي على السكان.
ولكن العديد من السعوديين، بما في ذلك الاقتصاديين ورجال الأعمال، إعتبروا ذلك من باب الحكمة ووصفوا هذه الخطوة بأنها مؤشر واعد على ان القيادة مستعدة لتغيير مسارها عندما لا تسير الاصلاحات على النحو المنشود.
وراء هذه الرؤية يقف الأمير محمد بن سلمان الذي بدأ يحرك الاقتصاد السعودي بعيدا عن النفط، وتعزيز القطاع الخاص، والحد من البطالة،التي تتجاوز نسبة 30 في المئة للشباب.
ويهدف البرنامج، الذي تم صياغته بناء على مشورة شركات استشارية غربية مثل ماكينزي وشركاه، إلى خصخصة حوالي 5٪ من شركة النفط الحكومية أرامكو السعودية من خلال المحللين العامين للاكتتاب العام المتوقع أن يستقطب حوالي 100 مليار دولار.
كما تدعو الرؤية إلى إعادة تنظيم واسعة النطاق للأنشطة الحكومية، تعرف باسم برنامج التحول الوطني، بالاضافة إلى مجموعة من المبادرات حول مواضيع مثل تمكين الشباب، والتعليم، وحتى الترفيه.
ويعول ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على ثقة السعوديين بشخصه كما يراهن على أن "الانتصارات" القادمة في معالجة الفساد وتحسين الكفاءة البيروقراطية وتعزيز الشفافية سيساعد في إقناع السعوديين بأن الإصلاح والتغيير يستحق بعض التضحية في المستقبل.
و بما أن رؤية الأمير محمد بن سلمان تقوم على أن كل شيء قابل للمراجعة فقد جمعت الحكومة في عام 2015، المهنيين السعوديين من مجموعة واسعة من القطاعات لحلقة عمل و بعد عرض الأمير الشاب، جلس كل وزير للتحدث مباشرة مع الحضور في الاجتماع الذين ضم أطباء ومعلمين وممثلين عن وسائل الإعلام حيث تؤكد سلوى الهزاع، وهي طبيبة عيون وعضو سابق في المجلس السعودي، بأنه تم إخبار الوزراء ب "خلع بيشتهم والجلوس معنا على الطاولة مثل أي شخص آخر لقد كان ذلك جميلا."
ويعكس أسلوب الأمير محمد بن سلمان طريقة تفكير السعوديين في الاصلاحات حيث بدأوا يتقبلون أن هناك حاجة بشكل متزايد إلى بعض التغيير حيث يشير هشام الغنام، وهو سياسي سعودي "بعض الدول تقوم بهذه الإصلاحات عندما يكون الاقتصاد على ما يرام، وبعض الدول تفعل ذلك عندما لا يكون الاقتصاد في كامل عافيته بالنسبة للسعودية ينطبق عليها وضع الفئة الثانية ".
وأضاف الغانم "اذا لم نتمكن من اجراء تغيير هيكلي في هذه الظروف، فلن نجري اي تغيير".