أعلنت المنظمة الدولية لحقوق الإنسان هيومان رايتس ووتش التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في تقرير لها نشرته على موقعها الرسمي أن تعديلات الحكومة المصرية لقانون الإجراءات الجنائية في فبراير الشهر الماضي من شأنه إخضاع المتهم لمحاكمة غير عادلة. وكان مجلس الوزراء المصري قد أقر تعديلات في 18 فبراير الماضي للمادتين 277 و289 من قانون الإجراءات الجنائية والتي تمنح القضاة سلطة منفردة في تقرير إمكانية استدعاء الشهود وسماع شهاداتهم. وفي البيان الذي أصدرته الحكومة المصرية أن من شأن هذه التعديلات "الوصول إلى العدالة الناجزة بما لا يخل بحقوق الخصوم في الدعوى". ومن شأن التغييرات أن تضع "الأمر كله في شأن استدعاء الشهود أو سماعهم في يد المحكمة"، كما قال البيان بدون تقديم تفاصيل إضافية. ولم تنشر الحكومة نص التعديلات المقترحة حتى الآن. وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "إن التغييرات المقترحة لقواعد المحاكمات في مصر من شأنها تهديد عنصر جوهري من عناصر المحاكمة العادلة، ألا وهو حق المتهم في مواجهة الأدلة المساقة بحقه في المحكمة. وعلى الحكومة المصرية التخلي عن التعديلات المقترحة علناً وبوضوح ودون إبطاء". وتقرر المادة 277 من قانون الإجراءات الجنائية بصيغتها الحالية أنه "يكلف الشهود بالحضور بناءً على طلب الخصوم". كما تسمح لأي شخص لديه معلومات عن القضية بإمكانية التقدم بالشهادة دون أن يُطلب منه هذا. وانتقد التقرير أداء السلطة التنفيذية في مصر واتهمته بإصدار تشريعات مخالفة للدستور دون الرجوع إلى مجلس الدولة، وهو هيئة قضائية يفوضها الدستور في مراجعة مشروعات القوانين وإبداء الرأي فيها قبل تبنيها. وأكدت أنه حتى إذا عادت الحكومة إلى مجلس الدولة وأعلن عدم دستورية التعديلات المقترحة وانتهاكها للحق في محاكمة عادلة فإن الحكومة تتجاهلها . وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عقب توليه السلطة في يونيو 2014 قد أنشأ لجنة عليا للإصلاح التشريعي، مكونة من عدد من كبار المسؤولين وقضاة ومحامين وقادة دينيين، من أجل صياغة تعديلات مقترحة، وإعداد تشريعات الجديدة. وأظهرت دراسة أن مجلس الدولة رفض 34 من أصل 194 مشروع قانون أو تغيير قانوني مقترح من جانب اللجنة ، أو طالب بإدخال تغييرات عليها، لكن الحكومة تجاهلت الرفض والتوصيات وقد قامت عدة منظمات حقوقية مصرية بانتقاد التعديلات المقترحة، وقال ناصر أمين، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ، دعا السيسي إلى رفض التغييرات المقترحة على أساس أن "أهم دليل لدى المحامي دائماً هو شهادة الشهود، وهذا القانون يسحب قوة الدفاع في أن يقدم أدلته ويمنحها للمحكمة". كما نقل عن أمين قوله إن: "العالم لن يعترف بأي حكم" تصدره المحاكم المصرية في حال وافق السيسي على التعديلات المقترحة. وقالت هدى نصر الله، الباحثة والمحامية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنها تخشى أن يكون الغرض من التعديلات المقترحة تمكين القضاة من حجب شهادات شهود الدفاع في المستقبل دون المخاطرة بنجاح الطعن [على الأحكام]. ومنذ قام الجيش بعزل محمد مرسي، أول رئيس مصري يتم انتخابه بحرية، في يوليو 2013، أصدر الرئيس المؤقت عدلي منصور وكذلك السيسي مراسيم بقوانين بدون مراجعة برلمانية، حيث تم حل مجلس الشعب. وتضمنت القوانين الجديدة التي أصدرها منصور والسيسي قوانين تتشدد في تقييد المظاهرات السلمية، وتوسع سلطة المحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، وتسمح بالحبس الاحتياطي بغير أجل مسمى للمتهمين بجرائم عقوبتها السجن المؤبد أو الإعدام. وبموجب الدستور المصري لسنة 2014، تلزم مراجعة جميع التشريعات المتبناه في غياب البرلمان من جانب البرلمان الجديد فور انعقاده، إلا أن الدستور لا يتيح لأعضاء البرلمان الجديد سوى مهلة 15 يوماً لتلك المراجعة. وبموجب الدستور كان ينبغي عقد انتخابات البرلمان الجديد في يوليو 2014، لكنها تقررت بدلاً من هذا في مارس وأبريل 2015، إلا أنها تأجلت بعد أن حكمت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية قانون الانتخابات. ولم يتحدد موعد نهائي للانتخابات حتى الآن. وقالت سارة ليا ويتسن: "تلتزم مصر بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بحماية الحق في المحاكمة العادلة، وبالنظر إلى حل البرلمان فإن مشاورة الحكومة المصرية لمجلس الدولة والعمل بتوصياته تكتسب أهمية خاصة قبل إدخال أية تغييرات على قانون الإجراءات الجنائية".