الأمير محمد بن سلمان.. طموحه يعانق عنان السماء، لأنه من جيل الشباب، أكبر شريحة في المجتمع من حيث العدد، الذين ينظرون إلى قيادته كنموذج لرؤاهم في المستقبل، وذلك انطلاقا مما يركز عليه دائما في أحاديثه عن دور الشباب والشابات في النهضة التنموية والارتقاء بوطنهم، وعلى ضرورة إشراكهم في صناعة القرار والإسهام في تحقيق التنمية، كما يشدد على تلبية احتياجاتهم العلمية والمهنية والثقافية والاجتماعية، ويعرض دائما خططا مدروسة بدقة، مستندا إلى الأرقام والإحصائيات، وتلك لغة القادة والإداريين ورواد التغيير.
مر عام واحد على مبايعة الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد، لكن ما تحقق من إنجازات واسعة في مختلف المجالات التنموية والاقتصادية والاجتماعية خلال ذلك العام، يؤكد أن المملكة العربية السعودية الشقيقة مقبلة على نقلة نوعية وتحول إيجابي كبير، ويبرهن أيضا على ما يتميز به الأمير الشاب من صفات قيادية ورؤية ثاقبة وبعد نظر، وقدرة عالية على المعرفة والتعلم السريع.
أما على المستوى الخارجي، فقد أثبت مهنية عالية في التعاطي مع مختلف الملفات والأزمات الدولية.. كيف لا وقد أعطى بما يتمتع به من طاقة شبابية ذهنية وبدنية، دفعة قوية للدبلوماسية السعودية والسياسة الخارجية للمملكة، بما يسهم في إبراز ثقلها السياسي والاقتصادي ويعكس دورها الريادي عالميا وإقليميا في ظرف حرج تمر به المنطقة العربية والعالم.
كان من الواجب أن يهبّ العرب جميعا لنجدة اليمن الشقيق بعد أن استغاث بهم فور انقلاب الحوثيين على الحكم هنالك، فقد أدار ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، دون تردد، حملة "عاصفة الحزم"، تحت إشراف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لاستعادة الشرعية وإيقاف التمدد الإيراني في اليمن، وقاد تحالفا عسكريا، بلدي جيبوتي عضو فاعل فيه، لتتحول الحملة العسكرية بعد عام من إطلاقها إلى "إعادة الأمل"، وهي اليوم قاب قوسين من أن تؤتي ثمارها بصورة متكاملة، وتخرج عموم اليمن من فوضى الانقلاب بإذن الله.
عودة إلى موضوع النهضة التنموية الشاملة التي تشهدها المملكة في مرحلتها الحالية، فقد قال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في وقت سابق، مخاطبا الشعب السعودي، إن "هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على كافة الأصعدة"، فترجمها تلميذه النجيب الأمير محمد بن سلمان، بصفته رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إلى مشروع تطويري شامل حمل مسمى "رؤية 2030" وهدف إلى تحقيق نقلة نوعية في الاقتصاد السعودي من الاعتماد المطلق على النفط إلى تعدد مصادره وقواعده، من خلال فتح الأسواق، والاهتمام بالصناعات، وتحديدا الثقيلة منها كصناعة وتطوير السلاح، وكذلك الاهتمام بالسياحة والاستفادة من التنوع المناخي للدولة السعودية، وجلب الاستثمارات، وفتح أسهم شركة أرامكو، وغير ذلك مما يراه الأمير الطموح نقلة نوعية اقتصادية مهمة.
ومن المعلوم أن الرؤية التطويرية 2030 قطعت عهدا على تحقيق مصادر دخل إضافية وبديلة في مدة زمنية قصيرة، وأؤكد هنا أن ما استندت إليه من دراسات وأرقام وإحصائيات علمية دقيقة كفيل بكسب التحدي الأكبر إن شاء الله، ولا غرابة في ذلك فقد عُرف عن الأمير محمد بن سلمان منذ نعومة أظفاره حب التحدي والتفوق والإنجاز، إضافة إلى أنه نشأ في بيت ثقافة وعلم وإدارة بإشراف مباشر من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي هو بدوره خريج مدرسة الملك عبد العزيز السياسية، ومنها نهل علوم الإدارة والتخطيط وفن القيادة، كما تتلمذ على أيدي إخوانه الملوك الذين سبقوه في الحكم، وكذلك الأميرين سلطان ونايف، رحمهم الله جميعا، ما يعني أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان هو عصارة تاريخ وإرث قيادي تعضده موهبة ونبوغ، أضاف له سلمان خلاصة تجارب الملوك والقادة ليحقق به ومعه نقلة التاريخ الحديث في أهم وأعظم بلد إسلامي، بل ومن الأعظم في العالم لأن به مكة المكرمة والمدينة المنورة اللتين تهوى إليهما أفئدة المسلمين حيثما كانوا.
قد ينتقدني البعض في مقالي هذا لأنني سفير دولة أخرى وأتحدث عن خصوصية المملكة، ولكن بلدي جمهورية جيبوتي والمملكة العربية السعودية هما واحد في الانتماء للدين والتاريخ والجغرافيا والمصير، والمملكة لا تعني السعوديين وحدهم بل كل العرب والمسلمين وبقية العالم، لأنها قائدة في محيطها وعالمها، وقادتها تلقائيا قادة في العالم.