2019-06-10 

حتى لايخذل فنان العرب أسطورته

ناصر بن محمد العُمري

محمد عبده، فنان العرب، وأحد أهم الأصوات الخالدة التي يصعب تكرارها، لايحتاج منا إلى  تمجيد، وهو في غنى عن حرف إشادتي المتواضعة، فمسيرته العريضة أسست لمدرسة فنية نقل بها  الفن السعودي إلى كل أصقاع الدنيا عبر عطائه  الفني الخالد

 

محمد الصوت الذي تصيخ له حتى الجمادات والفنان صاحب القائمة الطويلة من الألقاب والمساحات العريضة من الإعجاب على إمتداد الوطن العربي  والفنان الذي صنع للأغنية المحلية قرطين من ذهب خالص وبنى لها قصرا تليدا من مجد وهيبة

 

 هو كل هذا  وأكثر ، لكن من تابع حفل جدة  على الأم بي سي مساء الأثنين السابع من شوال  يرى كم  أن السلطنة قد تتحول صراخا والطرب نشازا بفعل الكثير من العوامل، لذلك كم أتمنى من أعماق قلبي أن يتوقف هذا الفارع البهي عن الغناء.. وأن يقلل من حضوره حتى يحافظ على صورته آلزاهية

 

 فمحمد عبده اليوم، لم يعد محمد الأمس. صوته فقد الكثير من لياقته ولكي لايكون القول مرسلا على عواهنه فسأشير هنا إلى بعض مقاطع الأغاني التي أداها

 

فناننا الكبير بطريقة  تشعرك ببعد المسافة التي تفصله عن سني مجده، فشيخوخة أداءه في مقطع

(جدة ياوهج الشموسكانت ظاهرة بعدأن عجز عن  السير بتلويناته إلى نهاية اللحن  القصوى المحبية لنا، ولم يسعفه صوته  في الذهاب إلى النهاية، ففقد هذا المقطع العظيم جزءا كبيرا

من جماليته الطاغية

 

 وفي أغنية(انت محبوبي) شاهدنا كيف أنهاها بطريقة رتيبة، ولاتمت لدفء وغنى وعذوبة وسلطنة صوته الخالد. نتفهم كعشاق لمحمد عبده عوامل العمر، وندرك أثر  العارض الصحي الذي تعرض له، ولأني أحد أولئك العشاق  فأني أرى 

 أن على محمد مراجعة حساباته المتعلقة بالحضور الطويل وإحياء حفلات من هذا النوع، حتى لايخذل أسطورته التي بناها وراكمها على مدى أكثر من خمسة عقود

 

حين يصل الفنان _اي فنان _ لمرحلة يجبر عشاقه على  أن يستمعوا  إليه بأذن (محب يغفر) لكي يتقبلوا حضوره فإنه يجب أن  يفكر مليا في مسائل الحضور، خصوصا وأن  الجمهور اليوم ليس كله عشاق محمد عبده فقط، فالأجيال الجديدة ليسوا ممن تربوا على طربياته وفنه وجماله الفذ وهناك جمهور محايد يستمع إليه بأذن( ناقد ينكر)

ولعل هذا مايحتاجه أي فنان  في مرحلة ما حتى منا نحن عشاق فنه

 

صحيح أن المساء حفل بالعديد من  الانبثاقات التي تظهر في أداءه وتعيدنا إلى زمن محمد النجم إلا أن بعض ما قدمه  في حفل جدة كان يقول:( أن محمدا لو أستمر في الحضور المكثف سيكون أشبه بمن  ينتقم من تاريخه و بمثابة من  يقوض أيقونته بيده). 

 

وحتى لايهدم فنان العرب قصرا منيفا دون رحمة أجهد نفسه في بنائه على مدار سنوات عمره فإننا نقول له بحب: يكفي كل ماقدمته من عطاء خالد وستظل في قلوب عشاقك نهرمن حب .

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه