2015-10-10 

بحر الكراهية .. والشيخ المقبور!

محمد الساعد

< هذا البحر المتلاطم من البغض والكراهية والطائفية والأحقاد، التي يبثها بعض العنصريين والمتطرفين في تسجيلاتهم وخطبهم وقنواتهم وتغريداتهم، لا يحتمل التسامح أو التساهل أو التغافل عنه، فهو إما يجرفنا نحو نهاية عدمية نخسر فيها إنسانيتنا وديننا وحياتنا ومستقبلنا، وإما نقضي عليه في مهده، ونضع بيننا وبينه سد ذي القرنين. عندما بدأت الثورة السورية كانت ثورة عفوية، شارك في التصدي لها رجال الأمن والجيش السوري المكون معظمه (90 في المئة) من السنة، لكن الحمقى من الحركيين والمتطرفين أصحاب النوايا الخبيثة والأموال الطائلة، نقلوا الثورة من منطقة الحقوق السلمية إلى منطق الطائفية البغيضة، طائفية لم يعرفها الشام من مئات الأعوام، وقسموا الناس إلى فسطاطين، كما علمهم شيخهم المقبور ابن لادن. يبدو أن المتطرفين والإرهابيين والطائفيين، وقطعانهم المنتشرة في ثنايا حياتنا، لم يرتووا من دماء ودوائر موت لا تنتهي في العراق والشام، بل ينتظرون وطننا ليكون أرضاً لمعركة طال اشتياقهم لها، ويهيئون ويعدون العدة ليوم موعود يقتلون فيه الشيعة على بكرة أبيهم لو استطاعوا، ويصفُّوا معهم كل أجنداتهم وطغيان أنفسهم الدموية، وحسابات بيدر عمره 1000 عام، بل يزيد. ولنسأل أنفسنا، كيف تتوهم مجموعة من الإرهابيين وداعميهم ومنظريهم الحمقى، أن في استطاعتهم القضاء على مليون شيعي وإسماعيلي من على وجه السعودية، هكذا من دون حسيب ولا رقيب. هل يتوقع الإرهابيون أن الشيعة سيقفون طوعاً في صف طويل، ينتظرون شيخ التطرف والتحريض وغلمانه الإرهابيين، يقومون بجز رؤوسهم ورؤوس أطفالهم وأحبابهم واحداً تلو الآخر، حتى آخر فرد منهم. إنه عقل الجهلة الأشقياء وشذاذ الآفاق ومحترفي الضغينة، وجالبي الشر على الأوطان، الذين يريدون أن يقودونا نحو فتنة لا يعلم مداها إلا الله. ففي قواميس الحياة وسنن الكون لا توجد أمة صفت أمة أخرى، ولا طائفة قضت على طائفة أخرى، فلا الأتراك قضوا على الأرمن، ولا الألمان قضوا على اليهود، ولا التتار قضوا على العرب، والشواهد والتاريخ حاضرة منذ بدء الخليقة وحتى اليوم، إنه التعايش ولا شيء غيره. لكن الأهم من ذلك كله أن يعي الجميع أنه لا يوجد شيء يمكن أن يأتي هكذا على البارد، فهذا الحمق لن يجلب إلا اقتتالاً داخلياً وفتنة -لا قدر الله- تسيل معها أنهار من الدماء تصيب أولادنا وأحبابنا جيلاً بعد جيل. ومع كل هذا القلق ومع كل هذه التهديدات البغيضة لبلد أمن مطمئن يأتيه رزقه رغداً من كل مكان، تأتي الوعود المهمة التي أطلقها الملك سلمان بمحاسبة كل من خطط ودعم وروَّج لهذه الجريمة، لتؤكد الثقة في مستقبل عادل تضمنه الدولة كالعهد بها، يعيش فيه المواطنون -أياً كانوا- متساوين أمام القانون، لا فضل لطائفة ولا قبيلة ولا منطقة على أخرى، تجمعهم الهوية ولا تفرقهم العصبية. * نقلا عن "الحياة"

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه