ارتكب جورج دبليو بوش في حق أميركا - قبل حقنا - خطأين تاريخيين: احتل العراق، ودمّر الدولة فيه، وبدد مؤسساته وتركه للنهب. وحاول باراك أوباما إصلاح الخطأ - في حق أميركا - فترك العراق على عجل وهدد نسيجه، وسلَّمه إلى «دولة القانون» ممثلة بأبهى نماذج العدل والقانون وسيرة العفو والسماح، السيد نوري المالكي. الخطأ الآخر كان أفغانستان. الخطأ في دخولها. الخطأ في الخروج منها. الخطأ في البقاء فيها! باراك أوباما يشبه حركة «الحياد الإيجابي» في الستينات. لم يكن إيجابيًا ولم يكن حياديًا، ولم يعد بفائدة على أحد. مجموعة دول أرادت القول إن حلمها في قلب البيت الأبيض، جناح أبراهام لنكولن، وحديقة جون كينيدي، وصالون رونالد ونانسي ريغان. هذا هو المجتمع الذي يضع ممثلاً في المكتب البيضاوي، فيجعل هذا عهده أحد أهم العهود في تاريخه. قد يوصل هذا الناخب في المرة المقبلة امرأة. وربما تناسى كارثيات جورج دبليو وأوصل شقيقه. وقد يفاجئ العالم كما فاجأه في ريغان ونجل الكيني حسين أوباما، الذي لم تحل عمته، إلى الآن، مشكلتها مع دائرة الهجرة. ذلك أن عمة الرئيس في مثل هذه البلدان مثل عمات جميع الناس. وأما ابن خاله فمثل إخوان عنترة وأعمامه. مشكلة رئيس أميركا - ومشكلة العالم معه - أن خطأه الاحتلالي، أو حياده الإيجابي، ليس على حسابه فقط، بل على حساب العالم. إرسال 500 «مستشار» عسكري تأخر كثيرًا لأن الحاجة الآن إلى 5 آلاف. وعدم ملاحظة وجود «داعش» إلاّ قبل عام، تأخر عامين. والحياد الإيجابي في سوريا، مدد المأساة لأعوام لا نعرف عددها. رئيس أميركا ليس رئيس الفلبين بحيث يفاخر بالحياد الإيجابي. والشرق الأوسط منطقة في قلب العالم، وليست في أطراف البرازيل. والإرهاب الخارج منها، أو المجتمع فيها، ليس حالة عدوى محصورة في «كرنتينا». ولو تأمَّل أوباما المسألة قليلاً، لأعطى الأهمية الكبرى لخطر الانتشار الإرهابي، لأنه سهل الاستعمال. الإرهاب النووي لن يستعمله أحد إلاّ في نهاية هذا العالم.