2015-10-10 

رحلة في عالم داعش الغامض... وما قبل!

محمد العمر

- "ابو مصعب الزرقاوي" واسمه "أحمد فضيل نزال الخلايلة" اردني الجنسية من مواليد 1966 في مدينة الزرقاء، الذي نفر إلى أفغانستان أواخر العام 1989 للانضمام إلى الجهاد الافغاني ضد الاتحاد السوفيتي، لكنه لم يشارك فيه كونه جاء بعد انتهاء الحرب، وشهد مقتل عراب الجهاد الافغاني "عبدالله عزام" في سبتمبر من نفس العام، وهناك التقى بـ"اسامة بن لادن" وتوطدت علاقتهما ببعض، وقاد معسكرات تدريب للمسلحين، واتفق مع "بن لادن" على تاسيس تنظيم مناصر في الاردن، وليس مبايعاً أو تابعاً، يطلق عليه "التوحيد والجهاد"، وأن يتزعمه، وبالفعل عاد إلى الاردن مطلع العام 1993. - تواصل "الزرقاوي" في الاردن مع "أبو محمد المقدسي" للعمل سوية على نشر الدعوة السلفية الجهادية، حيث اصبح "المقدسي" أبرز منظريها، اضافة إلى "أبو قتادة الفلسطيني".، هذا وكان "الزرقاوي" قد تعرف على "المقدسي" إبان بقاءه في افغانستان الذي يعتبر شيخه ومرشده الروحي. السلطات الاردنية اعتقلت "الزرقاوي" وحكم عليه بالسجن 6 سنوات إثر قضية عُرفت باسم "تنظيم بيعة الامام"، لكن كان هناك خلاف واضح بين منهج كل من الزرقاوي والمقدسي، والذي ظهر بينهما في السجن، وبرز فيما بعد كخلاف منهجي في قيادة التيار ومساره، فكان المقدسي يرى ضرورة حفظ مسافة فاصلة عن القاعدة عالميا وإقليميا، بينما يرى الزرقاوي وأتباعه، التناغم والاندماج بين التيار والقاعدة داخل الأردن وخارجه، وهو الخلاف الذي ظهر لاحقا عبر إعلان مجموعة المقدسي عن "سلمية الدعوة" في الأردن، مع الإبقاء على موقفها من الحكام والحكومات بوصفهم كفارا وخارجين من الملّة، في المقابل رفض مجموعة الزرقاوي لذلك وإصرارها على مبدأ العمل المسلّح، وظل الخلاف بين جناحي التيار واضحا خاصة بعد انتقال الزرقاوي إلى العراق - لم ينضم "الزرقاوي" إلى "القاعدة" إلا في الآونة الأخيرة، لما بدأت أخبار الخلاف بينهما تتسرب، وخشي أن يؤثر ذلك على مشروعية الجماعة وموالاة أعضائها له خاصة قبيل "اجتياح الفلوجة" الأخير، في ظل ظروف شديدة الصعوبة، قرر مبايعة ابن لادن وإعلان انضمام جماعة التوحيد والجهاد إلى القاعدة، الأمر الذي نتج عنه اعتبار جماعته بمثابة "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين"، وفي حقيقة الأمر فإن ابن لادن لا يملك أية سلطة عملية سوى "السلطة الأدبية" على الزرقاوي، فالفاعل الحقيقي اليوم في الصراع مع الأميركان هو الزرقاوي، في حين يضرب ابن لادن بسيفه، وتبدو رسالة "ابن لادن" الجوابية، والتي اعتبر فيها الزرقاوي أميرا للجماعة في العراق مقاربة شديدة الشبه بما عرف في الخبرة الإسلامية بـ "إمارة التغلب" حيث كان الخليفة معزولا من الناحية العملية، لا يمتلك أية صلاحيات حقيقية بينما "أمير العسكر" هو القائد الحقيقي والذي يسيطر على الأمور؛ في حين يعلن الولاء الرسمي الاسمي للخليفة، وما يحدث اليوم بالفعل أنّ ابن لادن لا يملك سوى المباركة للجماعات المختلفة التي تظهر هنا وهناك وتتبنى رؤيته، بينما تقبل هي بالولاء الرسمي له ومبايعته على الإمارة المعنوية. عبدالله الرشود محمد العوفي - يذكر أن القياديان السعوديان في "تنظيم القاعدة السعودي" سابقاً "عبدالله الرشود" و "محمد العوفي" ساعدا "الزرقاوي" في التمهيد لإعلانه البيعة لـ "القاعدة"، بل وساعدا على تقريب وجهات النظر. أبو عمر البغدادي - في التاسع عشر من ابريل 2007 اُعلِنَت التشكيلة الوزارية الأولى لدولة العراق الاسلامية بقيادة "أبو عمر البغدادي" وكانت على النحو التالي: * أبو عبد الرحمن الفلاحي "وزيرًا أول لأمير المؤمنين." * أبو حمزة المهاجر "وزيرًا للحرب". * أبو عثمان التميمي "وزيرًا للهيئات الشرعية". * أبو بكر الجبوري "وزيرًا للعلاقات العامة". * أبو عبد الجبار الجنابي "وزيرًا للأمن العام". * أبو محمد المشهداني "وزيرًا للإعلام". * أبو عبد القادر العيساوي "وزيرًا لشؤون الشهداء والأسرى". * المهندس أبو أحمد الجنابي "وزيرًا للنفط". * مصطفى الأعرجي "وزيرًا للزراعة والثروة السمكية". * الطبيب أبو عبد الله الزيدي "وزيرًا للصحة". ومن بعدها قويت الدولة، وتشكلت العمليات بين استهداف الارتال العسكرية الامريكية، واستنزاف طاقاتها ومعنوياتها ، واختطاف الجنود، وأسرهم أو ذبحهم نحراً، والمقايضة بهم مالياً، وكذلك استهداف المناطق الشيعية عبر تفجير السيارات أو من خلال العمليات الانتحارية وسط الاسواق أو المساجد والمزارات الشيعية، اضافة إلى الهجوم المسلح والقتل الجماعي والتمثيل بالجثث، معتبرين أن "دولة العراق الاسلامية" تُمثل تهديداُ للكيانات الباطنية المتمثلة بحكومة ايران وامتداداتها في العراق، وذلك للقضاء على شبكاتها وميليشياتها المسلحة، والعمل على تحجيم النفوذ الايراني الشيعي في الوسط العراقي السني، وقطع الحلم الايراني بتشكيل تمدد فارسي من افغانستان وإلى فلسطين، لكن عملياتهم لم تفرق بين شيعي عراقي أو من تصفهم بأفراد الميليشيات الايرانية، وزرعت بذلك الحرب الطائفية المقيتة بين المواطنين. - تشير معلومات إلى أن وراء مقتل "الزرقاوي" تعود لوشاية من "مصريي القاعدة" بمباركة إيرانية لمصالح سياسية التقت حينها ونتج عنها قرار التخلص منه. سيف العدل وتكمن القصة في لقاء جمع "الزرقاوي" و "سيف العدل" المصري "محمد مكاوي" الضابط السابق في القوات المصرية الخاصة" والعقل العسكري لتنظيم "القاعدة"، و "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس الذراع الاستخباري للحرس الثوري الإيراني في العراق، في مدينة مريوان الإيرانية ذات الغالبية الكردية المحاذية للحدود البرية مع العراق على مدار يومين متتاليين 4 – 5 يونيو 2006، انطلق بعده الزرقاوي عابرا للحدود إلى منزله في قرية هبهب حيث لقى حتفه بعد أخذه تعليمات لتنفيذها، ولم يكن الزرقاوي يعلم أن هذه التعليمات الجديدة ما هي إلا مبرر فقط للقاء الثلاثي، حيث إنه تم طلبه لهذا اللقاء فقط لتحديد موعد بينه وبين سيف العدل للتواصل الهاتفي لكي تمرر المعلومة إلى الجيش الأميركي بعد إتمام صفقة معه. "أبو مصعب الزرقاوي" مقتولاً" - بعد زعامة "الظواهري" للتنظيم العالمي بما يقرب الستة اشهر، جاءت الأزمة السورية، فاصبحت كطوق نجاة لأبي بكر البغدادي الذي يواجه احتدام المواجهة مع القوات العراقية، وأيضاً تحقيقاً لتوسيع نطاق الدولة، فسارع اواخر العام 2011 وتحديداً في شهر ديسمبر بإنشاء فصيل جديد أسماه "جبهة النصرة لأهل الشام"، واختار عناصر الجبهة من من السوريين الذي قاتلوا سابقاً في ساحات القتال مثل العراق وأفغانستان والشيشان وغيرها, ممن لهم باع طويل في قتال الجيوش، وطعمه بمقاتلين عرب وأتراك وأوزبك وشيشانيين وطاجيك وقلة من الأوروبيين، وأمَّر عليه "أبو محمد الجولاني"، الذي تظل هويته سراً خافيا لا يعرفه حتى بعض قادة الجماعات الإسلامية المجاهدة. صورة غير مؤكدة يقال أنها تعود لأبي محمد الجولاني "تحتاج لمصدر" وسرعان ما نمت قدرات "جبهة النصرة" لتصبح في غضون أشهر من أبرز قوى الثورة وأقساها على جيش نظام "بشار الأسد" لخبرة رجالها وتمرسهم على القتال، وتبنت الجبهة عدة هجمات انتحارية في حلب ودمشق. في حين وصلت إلى "أبو بكر البغدادي" تقارير غير مطمئنة عن تحالفات يقودها زعيم "جبهة النصرة" "أبو محمد الجولاني" مع تنظيمات وكتائب اخرى الغرض منها الانضواء تحت امرته، فعجلَّت في قرار "البغدادي" ارسال عناصر من دولته لإستطلاع الأمر، لخشيته من فقدان تبعية "جبهة النصرة". - نَشَرَت جريدة "الأخبار" اللبنانية المُقرّبة من حزب الله الموالي للأسد، تقريراً يتضمن عدة رسائل منقولة عن حكومة الأسد في ملف "تمويل داعش"، تريد منها حكومة الأسد الضغط والابتزاز وإحراج جهات إقليمية بما يخدم أغراضاً سياسية ومالية خاصة بها. وفي التقرير المُشار إليه، يتهم مسؤولو الأسد، بصورة غير مباشرة، كلاً من حكومة إقليم كردستان العراق، ودول الخليج، بالتورط، شبه المباشر، في تمويل التنظيم "الإرهابي"، مع التصويب على مسؤولية مصرف لبنان المركزي في جعل بيروت إحدى مراكز التحويل المالي الرئيسية لصالح عناصر التنظيم. - أضافت بوغارت أنه وعلى رغم أنه ساد الاعتقاد سابقاً بأن المانحين السعوديين ومتبرعين خاصين آخرين هم مصدر التمويل الأكثر أهمية لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، إلا أنه تم تهميش أهمية تلك التبرعات، بفعل مصادر الدخل المستقلة التي تملكها الجماعة. يُستشف من حديث الاكاديمية الامريكية "بوغارت"، أنها تشير بأصابع الاتهام إلى جمعيات خيرية أو مؤسسات تجارية من داخل السعودية، يشرف عليها أفراد لهم صلة وثيقة بتنظيم "داعش"، حصلوا على أموال من رجال أعمال متعاطفين طائفياً مع ما يتعرض له السُنَّة في سوريا على يد نظام بشار الأسد وميليشيات حزب الله اللبناني، ومقاتلي الحرس الثوري الايراني، أو ما يلقاه سُنَّة العراق من وطأة قوات المالكي والميليشيات الشيعية العراقية المتطرفة وتلك الاخرى التابعة لإيران، حيث تذهب تلك الاموال تحت بند دعم المجاهدين، وليس بالضرورة أن يكون لهم ارتباط مباشر مع "داعش"، وأحياناً تذهب تلك الاموال تحت اسلوب التلبيس على الداعم من خلال بند دعم المجاهدين السنة والثوار، كما أن هناك مواطنين أفراد يقدمون تبرعاتهم إما عن حُسن نية وثقة بأولئك، ويقعون تحت الخداع عبر غطاء المساعدات الانسانية للشعبين المنكوبين. - كشف مختصون في متابعة النشاط الإلكتروني للمجموعات المصنفة باعتبارها "إرهابية"، نشاطاً متزايداً في جمع التبرعات والأموال من السعوديين لمصلحة ما يسمى "الدولة الإسلامية" "داعش سابقاً"، وحذرت وزارة الداخلية السعودية من تمويل المجموعات الإرهابية. وأنه سيتم تطبيق العقوبات المشددة المنصوص عليها في نظامي "الجرائم المعلوماتية" و"مكافحة الإرهاب وتمويله"، التي تصل عقوبتها إلى السجن 10 أعوام، وغرامة تصل إلى 5 ملايين ريال في حال ثبوت تهمة تمويل الإرهاب، ورصدت "وزارة الداخلية" تغريدات في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" لحساب أحد المنضمين إلى "داعش" أكد فيه وجود حساب آخر باسم "هبة"، مخصص لجمع التبرعات، مطالباً بدعمه بالمال، كما طالب صاحب حساب "وميض قلم" في إحدى تغريداته بتمويله بألف ريال، بقوله: "من يريد أجراً عظيماً لا يكلف إلا 1000 ريال، أحد المجاهدين يريد الزواج وتنقصه من المهر هذه الألف، وهو خير الإخوة فمن لها يا كرام". وكتب في تغريدة أخرى أن "إخوانكم الشهداء تركوا خلفهم زوجات وأبناء، تركوهم لله، والله لن يضيعهم، اتقوا الله في زوجاتهم ولا تبخلوا على أبنائهم، هم باب خير مفتوح". - علاقة التنظيمات السُنية المتطرفة بالنسيج الاجتماعي السعودي، وعلاقة بعض السعوديين بتلك التنظيمات، لا تتجاوز من كونها نسيج متجانس يُحركه التعصب المذهبي، وافرازات الطائفية المقيتة التي يغذيها على طول الخط الزمني دعاة متشددون يعتلون منابر المساجد وكراسي الجامعات وحتى القنوات الفضائية، لذا ينشأ أجيال لها ميول غير سوي تجاه المُختلف في الرأي أو الفكر، عوضاً عن الدين والمذهب. * مقتطفات من الكتاب خاصة بموقع "الرياض بوست".

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه