بعد زيارتين له للولايات المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة منذ توليه، أخيرا حل أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ضيفا على البيت الأبيض. في الحليف الخليجي الذي يستضيف قاعدة عسكرية أمريكية، أهمية قصوى لواشنطن التي لازالت تحارب في عدة جبهات اشباح تنظيم الدولة الإسلامية في المنطقة الملتهبة. لذا كانت رسالة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لدى استقباله الأمير القطري، أمس الثلاثاء، هي إن قطر "شريك قوي في ائتلافنا الهادف إلى إضعاف داعش ودحرها." وقلل البيت الأبيض من قيمة ما يقال من أن قطر تدعم الحركات الإسلامية المتشددة وأنها مصدر للدعم المالي للمجموعات الارهابية. جاءت هذه التصريحات على خلفية الإتهامات التي تطلقها شخصيات سياسية وإعلامية أمريكية. وكان قد أتهم مندوب مصر لدى جامعة دول العربية دولة قطر بدعم الإرهاب بعد تحفظها على الضربة التي شنتها القوات الجوية المصرية على مواقع قال الجيش أنها تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا. وقال جوش أرنست الناطق باسم البيت الأبيض "هناك بعض المجالات التي قد نختلف فيها مع القطريين"، ولكنه أضاف أن مصالح البلدين تتلاقى في مجالات أكثر. وهذا ما تراه قطر في نفسها إذ قالت جريدة الراية القطرية في افتتاحية عددها الصادر يوم اللقاء الأمريكي القطري إنها تعود "لتعدد القضايا الإقليمية والدولية التي سيناقشها" الزعيمان، ووصفت هذه المحادثات بأنها ستكون "فاعلة في الدفع بالعلاقات بين البلدين إلى آفاق جديدة". وقالت الصحيفة إن هذه العلاقات "ترتكز على دعامتين أساسيتين، هما المصالح المشتركة في معالجة التحديات الإقليمية والعلاقات التجارية"، مشيرة إلى أن الإدارة الأميركية "تدرك أهمية الدور المحوري الذي تلعبه دولة قطر، وأنه لا غنى عنها في معالجة التحديات الإقليمية الراهنة". واعتبرت الصحيفة أن قطر والولايات المتحدة "تتقاسمان الرؤية الإيجابية للمنطقة". وتحتل قطر -حسب الصحيفة نفسها- المرتبة الثالثة كوجهة للصادرات الأميركية في منطقة الخليج والخامسة بمنطقة الشرق الأوسط، كما أن حجم الاستثمارات القطرية في أميركا بلغ 35 مليار دولار خلال السنوات الخمس الماضية. واتفق الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمس الثلاثاء، على أن الأوضاع في سوريا لن تستقر حتى يرحل رئيس النظام، بشار الأسد، "الذي فقد شرعيته في بلاده". وقال اوباما "ما زلنا نعتقد أنه ليس من الممكن أن يستقر البلد بالكامل حتى يرحل (رئيس النظام بشار) الأسد، الذي فقد شرعيته في بلاده، كيف يمكننا أن نصل إلى تلك المرحلة، كما هو واضح إنه تحد كبير وقد تبادلنا آراء حول كيفية تحقيق ذلك". وأوضح أوباما أنه بحث مع أمير قطر "أزمتي ليبيا واليمن اللتين تسببان كماً هائلاً من الإضطرابات، إضافة إلى المفاوضات حول ملف إيران النووي". وأعرب عن رغبته في رؤية السلام والإستقرار يتحقق في الشرق الأوسط، وأن يحصل الشباب هناك على فرصهم في الحياة. ومضى قائلا إن "الولايات المتحدة وقطر لديهما أواصر أمنية قوية، وهم (قطر) شركاؤنا في العديد من المبادرات.. قطر شريك قوي في حلفنا لإضعاف، ومن ثم هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية". بدوره، أشاد أمير قطر بالعلاقة المشتركة القوية بين البلدين، وقال إنه تحدث مع الرئيس الأمريكي حول القضية الفلسطينية. وتابع الشيخ تميم "علينا إيجاد حل لقضية فلسطين، وأنا سعيد بسماع أن الرئيس (أوباما) ملتزم بدفع عملية السلام، فالقضية الفلسطينية مسألة مهمة جداً لشعوب المنطقة". وكانت قد نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في عددها أمس مقالاً لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني لمناسبة زيارته واشنطن ولقائه الرئيس باراك أوباما. جاء بها على لسان تميم "عندما ألتقي الرئيس أوباما (..) فإن رسالتي ستكون واضحة ومباشرة وهي: يجب علينا أن نتعاون معا من أجل سحب منطقة الشرق الأوسط بعيدا عن حافة الانهيار (..) ونحن في قطر مستعدون للقيام بكل ما هو مطلوب من أجل المساعدة في تحقيق هذه الرؤية". وذكر بتصريحات الرئيس أوباما التي قال فيها أن الحلول العسكرية ليست كافية لدحر الارهاب وللتصدي للتحديات الاستراتيجية الهائلة التي تواجه منطقة الشرق الأوسط والعالم. ونحن في قطر نتفق منذ زمن طويل مع هذا الموقف. وأضاف أن المشكلة ليست في الإسلام - بل في انعدام الأمل (..) الذي يتفشى على نطاق واسع في مخيمات اللاجئين السوريين والفلسطينيين، وكذلك في المدن والقرى التي أنهكتها الحرب في سورية والعراق واليمن وليبيا وغزة. وفي الأحياء الأكثر فقرا في المدن الأوروبية الكبرى، وحتى في الولايات المتحدة أيضا. وهذا اليأس، هو الشيء الذي نحن في حاجة إلى معالجته إذا أردنا حقا أن ندحر ونستأصل موجة الارهاب. لكنه عاد وأكد أن "هذا لا يعني أننا نعطي مبررا للارهاب، لأنه ليس مبررا. وقطر كانت حازمة في إدانتها للأعمال البربرية التي تقترفها هذه الجماعات المتطرفة، وثابتة في دعمها لمجموعة كاملة من المبادرات الاقليمية والعالمية المناهضة للارهاب". وتبدو الرسالة الأهم التي وجهها الأمير للإدارة الأمريكية هي أن الحرب ضد الارهاب تسهم، في بعض الحالات، في الابقاء على الأنظمة الديكتاتورية الملطخة أيديها بالدماء والتي أسهمت في نشوء ذلك الارهاب. على حد تعبيره. وركز على ضرورة الإطاحة برئيس النظام السوري بشار الأسد قائلا أنه لن تنجح الجهود ضد التطرف العنيف إلا إذا اقتنعت شعوب المنطقة بأننا ملتزمون بإنهاء الحكم الاستبدادي لأمثال بشار الأسد في سورية، الذي ينفذ إبادة جماعية ضد شعبه.