لا تزال أصداء الرسالة التي نشرها الأمير بندر بن سلطان عن الاتفاق النووي بين إيران والغرب، تثير الأسئلة والتحليلات في الأوساط الخليجية، وخصوصا سكّان الأدوار العليا، والمقربين من صنّاع القرار، الذين تساءلوا حول أسباب استيقاظ تمساح الانتصارات الملكية، ورغبته في الحديث الآن. ونشرت صحيفة "إيلاف" ذائعة الصيت نص الرسالة العربية، والديلي ستار اللبنانية باللغة الإنجليزية، والتي قال فيها أن الاتفاق غير مريح وأنه لا يعرف أوباما، في رسالة قوية ليس بسبب توقيتها، بل الهدف من نشرها، الأمر الذي لا يزال غامضاً حتى الآن، بقدر غموض صاحب الرسالة بالطبع. وقال الأمير السعودي في مقال باللغة الإنجليزية نشرته صحيفة ديلي ستار اللبنانية، وموقع إيلاف الإخباري: “عليّ أن أعترف إنه لم يسبق لي أن عملت مع الرئيس أوباما، كما لم ألتق به شخصيًا، لا قبل أن صار رئيسًا... ولا بعد ذلك". وأضاف بندر: "المعلومات الوحيدة التي أستند إليها في تقويمي للرئيس هي التي أمدني بها الملك الراحل عبد الله، أو تلك التي طلب نصيحتي بشأنها، حين كان يستدعي الأمر التعامل مع الرئيس أوباما. وهذه المسائل كلها كانت تمر، ذهابًا وإيابًا، من خلال السيد عادل الجبير، سفيرنا في واشنطن آنذاك ووزير خارجيتنا". وترك غياب بندر عن الساحة السياسية فراغا كبيرا ليس في بلاده فحسب، بل في الخليج العربي، والشرق الأوسط الملتهب، فقد كان ركن السياسة الركين في كافة الملفات الإقليمية الهامة، ولعب أدواراً من الصعوبة تكرارها، ما جعله أقوى سفير في تاريخ مملكة جده المؤسس العظيم عبدالعزيز آل سعود. وكانت آخر رسالة نشرها الأمير بندر موجهة للملك حسين في أعقاب حرب الخليج، وكانت بنصيحة من زوجته الأميرة هيفاء التي لاحظت أنه يرد على كل كلمة يقولها الملك حسين وهما يشاهدان خطابا متلفزا، فكانت النصيحة كتابة هذه التعليقات على شكل مقال ونشرتها "نيويورك تايمز" حينها. لماذا هذه العودة، كيف تمت وماذا تعني؟ هكذا تساءل السياسيون، والمراقبون والجواسيس، ومسترقو السمع، والرؤية، عن معنى هذه العودة الفريدة وتوقيتها، وعلى راس المتسائلين إيران وسوريا وكثير من الشيوعيين والمتشيعة. والإجابة لا يعرفها إلا البندريون، ورجال البلاط، وكبار القوم، وأكابر الأمراء. ورغم أن الأمير لا يحمل منصباً رسميا في المملكة بعد الآن، إلا أن الحكومة الأمريكية ردت على لسان وزير خارجيتها جون كيري، الذي أعلن اختلافه مع الانتقادات التي وجهها الأمير السعودي بندر بن سلطان حول الاتفاق النووي الإيراني، لافتا إلى أن وجود اتفاق أفضل من عدم وجوده. وقال الوزير الأمريكي "الخوف الحقيقي الذي يجب أن يشعر به من هو في تلك المنطقة هو عدم التوصل إلى اتفاق، إذا لم يمرر الكونغرس هذه الاتفاق وأوقفه فعندها لن يكون لدينا تفتيش ولا عقوبات ولن يكون لدينا القدرة على النقاش والتفاوض، وبصراحة وبالنسبة لآية الله فإن قامت أمريكا بوقف هذا الاتفاق فلن يقبل بالدخول بمفاوضات أخرى، وسيشعرون بالحرية للذهاب والقيام بما تحرص هذه الاتفاقية على منعه." وتساءل أكثر من محلل عن مغزى هذه الرسالة، وهل كان حديث بندر عن أميركا وسياستها الخارجية في عهد رئيس جديد فقط، أم أنها محاولة ثأر من الديمقراطيين الذين لا يتشارك معهم في الكيمياء السياسية والشخصية، والأهم ما الذي كان يريد أن يقوله بندر بن سلطان بين السطور؟