هدوء حذر يسود شوارع بيروت بعدما قررت حملة "طلعت ريحكتم" الاحتجاجية تأجيل مظاهرات كانت مقررة مساء الاثنين إلى يوم السبت المقبل. ويرتقب الشارع اللبناني إلى لما سيفضي عنه اجتماع - يصفه البعض بالمصيري - من قرارات للحكومة اللبنانية يوم الخميس المقبل، إلا أنّ بعض المراقبين حذروا من أنّ يكون ذلك الهدوء "هدوء ماقبل العاصفة" في بلاد تعاني من جمود سياسي وتناحر طائفي زادت من حدته الأزمة السورية. فللوهلة الأولى بدت احتجاجات المواطنين الغاضبين على فشل الحكومة في حل أزمة القمامة المتراكمة في الشوارع منذ منتصف يوليو الماضي في ساحة رياض الصلح في بيروت مشاهد معهودة للقارئ العربي، من تونس مرورا بمصر وليبيا واليمن وسوريا. وسرعان ما ذكرت باحتجاجات ميدان التحرير في القاهرة وسابقاتها في شارع الحبيب بورقيبة في تونس عام 2011. فهل ينذر التاريخ بأن يعيد نفسه في بلاد الأرز أيضا خاصة وأن هناك محتجين رددوا نفس العبارات التي رددها التونسيون والمصريون بعدهم: "الشعب يريد إسقاط النظام!"؟ ووفقا لدويتش فليه كتبت صحيفة فاينانشيل تايمز قبل بضعة اسابيع على أزمة النفايات أنّ الأزمة بالنسبة للبنانيين رمز فاضح لميل الحكومة إلى التغطية على المشاكل العاجلة بدلا من حلّها، وما بدأ كأمر مزعج تحول إلى خطر على الصحة وتهديد للاقتصاد. وتوقعت أنّ ينتفض اللبنانيون على نخبهم السياسية بعدما أصبحت القمامة تحاصرهم في كل مكان. يؤكد الدكتور خطار أبو دياب، الخبير في شؤون الشرق الأوسط، في حديث لوكالة الأنباء الفرنسية أنّ المشكلة الأساسية في لبنان، تكمن في أن كل حركة مطلبية أو ذات بعد اجتماعي ومدني يمكن أن تخضع بسرعة لمساومات سياسية. ويوضح أبو دياب أنّ مشكلة جمع ومعالجة النفايات ليست هي في حقيقة الأمر سوى الستار الذي يحجب الأزمة الحقيقية وهي أزمة الحكم في لبنان، والتي تتجلى بوضوح في العديد من الملفات أهمها عجز الأطراف السياسية في لبنان حتى الآن على الاتفاق على رئيس للبلاد والذي لايزال منصبه شاغرا منذ مايو 2014، إلى جانب الخصومات السياسية والطائفية في لبنان حالت دون معالجة العديد من القضايا ما ولد جمودا سياسيا مستمرا منذ سنوات. يضيف الخبير في شؤون الشرق الاوسط أنّ الحكومة اللبنانية شبه معطلة، المؤسسات معطلة، ثم أتت أزمة النفايات لتزيد الطين بلة ويشعر جزء كبير من الرأي العام بمزيد من الاستهداف وبأن المعاناة في تزايد مستمر نتيجة عدم قدرة الطبقة السياسية على معالجة الأمور. ويعزو الخبير اللبناني، الأزمة السياسية في لبنان إلى أن ولاء مختلف الزعماء والتيارات السياسية للانتماء الطائفي على حساب المصلحة الوطنية ويقول: "في لبنان مع الأسف نحن لسنا أمام مواطنين وإنما أمام مكونات طائفية، وكل شيء يُركّب حسب الانتماء الطائفي. وأكد أبو دياب إنّ سيناريو استقالة سلام ستكون تداعياته كارثية على لبنان، ويقول: حتى وإن لم يبق من الدولة في لبنان سوى الهيكل وبعض المؤسسات الفاعلة على غرار المؤسسة العسكرية ونظيرتها الأمنية، إلا أنه في حال سقطت الحكومة فسيكون من المستحيل تشكيل حكومة أخرى. وأشار إلى أنه في حال استقالة حكومة سلام، فإنها ستتسبب في أزمة دستورية إذ أنه، وبحسب النظام اللبناني، فإن الرئيس هو من يعين رئيس الوزراء، فضلا عن أنّ تشكيل حكومة سلام جاء بحراك إقليمي ودولي تجنبًا لفراغ كامل في السلطة التنفيذية. وفي سياق متصل، كتبت صحيفة النهار اللبنانية في عددها الصادر اليوم الاثنين قائلة: لم يعد الأمر يتعلق بنقمة أو انتقام ردا على أزمة النفايات العضوية التي كانت شرارة الشارع، إنها على الأرجح الفرصة الأخيرة أمام الإنقاذ، بعدما تسبب سلوك المنتمين الى «سلالة» السلطة في إقفال كل ممرات التغيير الطبيعية، سواء عبر انتخاب رئيس الجمهورية أو عبر إجراء الانتخابات النيابية. يذكر أن سلام قال أمس الأحد إنه إذا لم يتوصل اجتماع الحكومة يوم الخميس إلى حل بشأن أزمة النفايات "فلا ضرورة لوجود الحكومة أصلا"