تأتي زيارة العاهل البحريني الملك الى سويسرا في وقت تشهد فيه العلاقات بين البلدين فتورا كبيرا خاصة أمام الانتقادات المتتالية للحكومة السويسرية للمنامة في ما يتعلق بانتهاكات حقوق الانسان. وتعقد حكومتا البلدين على هذه الزيارة آمالا كبيرة لاعادة الدفء الى العلاقات الثنائية وتدعيم التبادل التجاري "المتجمد " بين البلدين.
بلغ التوتر مداه بين المنامة وبرن في 14 سبتمبر 2015، حين وقع 32 بلدا عضوا في مجلس حقوق الإنسان بجنيف التابع للأمم المتحدة على بيان جماعي جاء بمبادرة من سويسرا عبّروا فيه عن "انزعاجهم لتدهور أوضاع حقوق الإنسان" في هذا البلد الخليجي، ودعوا الحكومة هناك إلى فتح تحقيق بشأن مزاعم تتعلّق بممارسات تعذيب وبانتهاكات أخرى.
وفي مداخلته أمام المجلس، قال السفير السويسري ألكسندر فازل، متحدثا باسم هذه المجموعة، التي كانت من بينها العديد من البلدان الأوروبية إضافة إلى الولايات المتحدة: "ستظل أوضاع حقوق الإنسان في البحرين مصدر انشغال كبير بالنسبة لنا جميعا".
ولأن قيادة سويسرا لهذه الحملة لم ترق للمنامة فقد ردت البحرين ببيان ساندتها فيه بقية دول مجلس التعاون الخليجي أكدت خلاله استغرابها من تجاهل الدول الاوروبية للخطوات الملموسة التي تقوم بها الحكومة البحرينية في تنفيذ توصيات مجلس حقوق الانسان ولسياسة ضبط النفس التي تتعامل بها القوات الامنية في البحرين مع كل الاحداث.
الرد البحريني على الانتقادات السويسرية لم يقنع الحكومة السويسرية بما أنها لا تزال تقييم الاوضاع في البحرين بسلبية كبيرة، سلبية تتجلى في النصائح والتعليمات التي تعطيها وزارة الخارجية السويسرية للراغبين في السفر للبحرين والتي تشير مغلبها الى ضرورة التفكير مليا والاضطلاع على حقيقة الاوضاع هناك قبل السفر اضافة الى نصائحها بضرورة توخي الحذر عند اليفر الى البحرين.
تقييم سلبي جدا من حكومة بورن للاوضاع في البحرين أثر سلبا على عدد السويسريين المقيمين في البحرين والذي تراجع من 300 في ثمانينات القرن الماضي الى 123 فقط في الوقت الحالى وعلى مستوى التمثيل الديبلوماسي بين البلدين.
فتور العلاقات البحرينية السويسرية لم يقف عند التمثيل الديبلوماسي وملف حقوق الانسان بل تجاوزه الى المستوى الاقتصادي والمبادلات التجارية بين البلدين التي لا تتجاوز قيمة الصادرات السويسرية إلى المملكة 245 مليون فرنك، فيما لم تزد قيمة الصادرات البحرينية إلى سويسرا عن 26 مليون فرنك.
وقد شهدت هذه المبادلات تراجعا في السنوات الأخيرة بالرغم من إبرام اتفاقية التبادل التجاري الحر بين البلديْن وبرغم توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين لبلدان الاعضاء في الرابطة الاوروبية للتبادل التجاري الحر والتي تضم كلا من سويسرا والنرويج وليختنشتاين وأيسلندا وبلدان مجلس التعاون الخليجي في 22 يونيو 2009.
فتور إقتصادي وديبلوماسي كبير بين بورن والمنامة تسعى حكومتا البلدين لكسره عبر عدد من الخطوات الثنائية حيث منحت الحكومة السويسرية يوم 4 مايو الجاري موافقتها لبعض الشركات التي تريد تصدير بعض أصناف العتاد الحربي إلى هذا البلد مثل قطاع الغيار التي تستخدم في تجميع أجزاء طائرات مقاتلة من طراز F-5 .
وقد شمل هذا القرار المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة أيضا. فيما أعلنت وزارة الخارجية البحرينية يوم الإثنيْن 9 مايو أنه سيتم الإفراج عن الناشطة الشيعية المعارضة زينب الخواجة. خطوات ونوايا من المنتظر بأن تنعكس بالايجاب على العلاقات الثنائية بين البلدين وتضفي حرارة على الجمود والبرود الذي ميز العلاقات بين البلدين في السنوات الاخيرة.