يستعد السعوديون لاختبار حدة سياسة التقشف خلال الايام القادمة التي يستقبلون فيها عطلة عيد الاضحى المعروفة بكثرة الانفاق على الملابس والسفر والتي ستكون الفترة الاكثر تقشفا منذ عشر سنوات بسبب حدة تاثير اجراءات سياسة التقشف على ايرادات المواطن السعودي .
وكالة رويترز رصدت في هذا السياق تاثيرات سياسة التقشف في المملكة قبيل ايام من عطلة عيد الفطر من خلال عدد من المواطنين الذين اكدوا تاثر نفقاتهم بسياسة التقشف ومن بينهم سلطان الدوسري الذي يملك شركة صغيرة لتنفيذ المعاملات الحكومية بالنيابة عن الشركات و الذي اكد بانه عدل عن فكرة السفر هذا العام بعد ان كان يسافر سنويا 3 مرات لدبي واوروبا بسبب انخفاض ايرادات شركته وكثرة النفقات قائلا " ما عاد في استطاعة الآن يأتيني دخل صاف في الشهر حوالي ثلاثة آلاف ريال (800 دولار) بعد ما كان بين عشرة آلاف و12 ألف ريال شهريا بما أن الشركات صارت تخلص المعاملات بنفسها لتوفير النفقات." مضيفا بأنه اضطر لعرض احدى سياراته للبيع من أجل خفض النفقات.
كما تبرز مظاهر تاثر المواطن السعودي باجراءات التقشف في مراكز التسوق والمطاعم فعلى مدى الأشهر القليلة الماضية انتشرت على واجهات المحال بمراكز التسوق لافتات كبيرة مثل "تخفيضات 70 بالمئة" و"تخفيضات إضافية" و"تصفيات" فيما بدأت كثير من المطاعم أيضا في تقديم عروض مخفضة لوجبات الغذاء.
ففي محل شهير لبيع الأزياء يحمل علامة تجارية بريطانية انخفض سعر مجموعة من الأردية النسائية إلى 30 ريالا من 300 ريال للقطعة وهو ما وصفته متسوقة لبنانية بأنه "أرخص من سعر كيلوجرام من الدراق (الخوخ".
وانعكس تراجع إنفاق المستهلكين على نتائج الشركات العاملة في قطاع التجزئة إذ سجلت شركة جرير للتسويق التي تبيع الأجهزة الإلكترونية والأدوات المكتبية مثلا انخفاضا بنحو 25 بالمئة على أساس سنوي في صافي الربح بنهاية النصف الأول من العام نتيجة انخفاض المبيعات بنسبة 15 بالمئة في نفس الفترة.
الى ذلك تبنت الحكومة السعودية على عدد من الاجراءات للحد من الانفاق ولسد العجز في الميزانية الذي وصل العام الماضى لمستوى قياسي ببلوغ 98 مليار دولار بسبب تراجع اسعار النفط. وشملت الاجراءات خفض الإنفاق الحكومي وخفض الدعم لأسعار الطاقة والتي أثرت على قطاعات الاقتصاد وأدت لانخفاض الدخل القابل للإنفاق وأحدثت ضغوطا على مستويات المعيشة للعديد من المواطنين حيث بدأ المواطن السعودي يغير عاداته الاستهلاكية تماشيا مع ضعف ايرادته .
وفي هذا السياق يؤكد الاقتصادي فضل ابو العينين أنه بالتركيز على استهلاك الأفراد هناك تغير ملحوظ في العادات الاستهلاكية وحجم الشراء الذي تقلص بشكل ملحوظ مقارنة بالعام الماضي بالنسبة للسعوديين.
وكمظهر اخر على تاثر السعوديين بسياسة التقشف يتداول عدد منهم على موقع التواصل الاجتماعي تويتر رسما ساخرا يظهر ثلاثة رجال بالزي التقليدي يمثلون "الفقر والبطالة والأسعار" يحيطون بطفل صغير يرتدي ثوبا مهلهلا يمثل "الراتب" وبينما هم يبتسمون ابتسامة ساخرة للطفل الباكي خاطبه أحدهم متسائلا "متى تكبر مثلنا؟!".
وتتجه اجراءات التقشف الى ان تكون اكثر حدة خلال السنوات القادمة حيث تعتزم الحكومة بداية عام 2018 تطبيق تطبيق ضريبة القيمة المضافة عند خمسة بالمئة مع إعفاء بعض السلع مثل الأطعمة من الضريبة.
وعلى الرغم من ان أغلب السعوديين يتقبلون فكرة أن هبوط أسعار النفط يجعل إجراءات التقشف أمرا حتميا فقد لجأ كثير منهم إلى تويتر لمناقشة فكرة ربط الأحزمة تحت وسم "الراتب ما يكفي الحاجة."
وعن تاثيرات سياسة التقشف وامكانية تعافي الاقتصاد السعودي وتعافي القدرة الشرائية تختلف الاراء ففي حين يؤكد سميح جرجورة مدير للعمليات يشرف على توزيع السلع الأجنبية الفاخرة لتجار التجزئة في جدة بأن السنوات المقبلة ستكون أكثر إيلاما يعتقد محمد العقيل رئيس مجلس إدارة شركة جرير للتسويق المختصة في بيع الأجهزة الإلكترونية والأدوات المكتبية ان هناك ما يدعو للاعتقاد بأن إنفاق المستهلكين قد يتوقف قريبا عن التراجع بما ان المسوح على مدى الشهرين الأخيرين اظهرت أن نمو القطاع الخاص بدأ في التعافي نتيجة ارتفاع إنتاج المملكة من النفط كما أن الكثيرين يتوقعون أسعارا أعلى للخام في العام المقبل وهو ما قد يخفف الضغوط على المالية العامة للدولة.