2015-10-10 

من يربح من المتاجرة السياسية في لبنان؟!

يوسف الكويليت

لبنان الحاضر في شخصية النموذج السياحي والتجاري شبه المعطل غائب في ظل الأحداث الكبرى عن الواجهة غير أن تاريخه في المنطقة العربية حين كان مركزاً للطبخات العالمية في التجسس وعبور الأموال المشبوهة والقانونية، فإنه مثال لا يتكرر حين ظلت سورية ضحيته وضحيتها. فقد كان لبنان من تُحدد وتُرسم فيه تغيير الحكومات في دمشق مرة من خلال السفارات الغربية وأخرى شرقية، وكانت المسابقات في تبديل السياسات وخلع الزعامات موكولة لصاحب المبادرة السريعة، لكن رفاه لبنان الذي أعجز أكبر خبراء الاقتصاد من أين يأتي ويذهب حيث لا وجود لواجهات صناعية أو زراعية، فقط تسييل الأموال القذر منها والطبيعي، وضع الأسد الأب أمام قطع لطريق لبنان على سورية في استغلال الحرب الأهلية ليتولى زمام حمايته بوجود ثلاثين ألفاً من الضباط والجنود بكامل معداتهم عام ١٩٧٦م وقد أثار هذا التواجد جدلاً طويلاً عده اللبنانيون احتلالاً تحت مظلة الأمم المتحدة وآخرون رأوه عملية خلق توازن بين المتحاربين إلاّ ان اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام ٢٠٠٥م دفع بخروج مظاهرات ما سمي وقتها (بثورة الأرز) رداً على الفعل الإجرامي، مما اضطر أن تشكل لجنة دولية في التحقيق بالحادثة، وكان أهم المطالبات تحت ضغط الشارع وتوحد كل الطوائف اللبنانية جلاء القوات السورية، وهو ما حدث.. في موجات الربيع العربي، كان لبنان بطبيعته الطائفية مرشحاً للاضطرابات أكثر من غيره بتواجد حزب الله كقوة أكبر من المليشيات وجيش الدولة، إلاّ أن المفاجأة حدثت في سورية، وهنا أصبح لبنان جزءاً من مشكلة حالات الاضطراب بدولة الجوار، وبينما حاولت طوائف السنة والمسيحيين البقاء على الحياد، دخل حزب الله بأمر من إيران معترك الحرب الأهلية السورية، ورغم أنه حليف لنظام الأسد لتطابق المذهبين العلوي والشيعي إلا أن الانقسامات بين الطوائف حتى التي ظلت متماسكة مثل المارونيين، تقاطعوا بما سمي المارونيين الشيعة، والمارونيين السنة، وهي مفارقات اللبنانيين المتاجرة حتى في السياسة لكن غياب القوة المارونية، وتنامي مليشيات السنة أمام قوة حزب الله بدأ يتجه نحو إعداد متاريس جديدة ربما لانفجارات قادمة، ولذلك لم يكن تعطيل انتخاب رئيس جديد أو توافق عليه، سببه فقط الأزمة الداخلية وإنما وجود من يدير الأزمات من خارجه.. لا توجد وصفة جاهزة لعلاج الورم التاريخي لهذا البلد، فكما تصارع الشرق والغرب داخله، الآن هناك وجود عربي، وإيراني، وفرنسي، وتركي، وهؤلاء يستحيل اتفاقهم إخراجه من أزماته الراهنة، لكن ما أصبح غريباً أن في لبنان ليس فقط حزب الله من يلعب بالداخل السوري بتواجد قوى أخرى في الظل ليعود خطاً ساخناً وهذه المرة التأثير على الدولة الجار الكبرى بتهريب المقاتلين والأسلحة وكل ما هو حلال وحرام.. في المنطقة العربية، عدا من يدعم سلطة شرعية لبنانية، لا يوجد للبنان ذلك الزخم السياسي بتواجد صحافة المعارضة، أو المطرودين والمهجرين من حكوماتهم والذين ظلوا مركز الضغط على دول أهم وأكبر منه في الساحة العربية، وهذا ما يجعل تناقض القوى القديمة الحزبية القومية واليسارية وغيرها، غائبة لصالح تيارات إسلامية تريد تغيير الخرائط وتعميم سيادة العنف، ولبنان حتى لو ظل، إلى حد ما، بعيداً عن هذه التيارات فهو حاضر في صلبها وقلبها.

التعليقات
أضف تعليقك
الأكثر قراءة
مواضيع مشابهه