أتت ميزانية هذا العام وسط ترقب محلي وعالمي كونها جاءت في ظرف دقيق وحالك تعيشه البلاد. بكل صدق كانت التوقعات تشير إلى عجز كبير، إلا أن الميزانية عصفت بتوقعاتنا وجاءت مبشرة بالكثير من الخير، وطمأنت المواطن بما حملته من عناوين مهمة تشير في مجملها إلى متانة اقتصاد المملكة ، ووضوح الرؤية المستقبلية للقيادة والإصرار والعزيمة التي تتحلى بها قيادة المملكة في التوجه نحو مستقبل مشرق رغم جسامة التحديات.
العنوان الأبرز الذي أفصحت عنه الميزانية العامة استمرار المملكة على نهجها الراسخ، والذي لن تحيد عنه حيث يأتي المواطن على رأس الاهتمامات ورفاهيته اولوية قصوى، وهو ماكشفت عنه تصريحات وزير المالية الذي قال بكل وضوح ودون مواربة: لن يكون هناك ضرائب على المواطن ولا على الفرد المقيم، ولا على الشركات السعودية.
فيما جاء الاعلان عن حساب المواطن ليؤكد جدية هذا التوجه رغم عدم وضوح تفاصيل هذا المشروع إلا أنه كان كافيا لإشاعة جو من الطمأنينة والتفاؤل في نفوس المواطنين، وخصوصا شريحتي الطبقة المتوسطة ومادونها وهي التي كانت تحتاج طمأنة على مستقبلها في ظل التحول الوطني ، وازدياد مخاوف التقشف إضافة إلى استمرار الاهتمام الكبير بقطاعي التعليم والصحة وتخصيص الدعم الأكبر من الميزانية لهذين القطاعين الهامين.
كما كشفت الميزانيةعن نجاعة القرارات التي أعلنتها الحكومة سابقا والتي من أبرزها تقليل الاعتماد على النفط كمصدر دخل.
لايشك عاقل أن ماحدث اليوم منجز كبير للمملكة ومؤشر قوي على نجاح سياساتها المالية والاقتصادية. كما اننا بتنا اكثر طمأنينة على متانة اقتصادنا رغم بطء النمو في قطاع بدائل النفط ، وعدم الاستغلال الأمثل لموارد اقتصادية طبيعية تتمتع بها المملكة كالطاقة الشمسية والرياح والتعدين، وماشاكلها من الموارد التي قد تكون رافدا مهما لاقتصادنا الوطني وتساهم مساهمة مباشرة في خفض استهلاك الطاقة.
أمس كان الخبر الأجمل الذي سمعه السعوديون بإعلان ميزانية الخير والنماء حيث مايهم أي مواطن في أي بلد هو وجود اقتصاد مزدهر متين مستدام يجعل مستقبل بلاده مطمئنا وهو مايتيح لها السير بخطى ثابتة نحو التحديث والتطور والنماء.
الحقيقة الأكثر وضوحا التي أفصحت عنها ميزانية هذا العام هو أن المملكة دولة تجيد الإبحار وسط العواصف العاتية ولا أدل على ذلك مما حدث اليوم.
فالحرب ضد الحوثيين في اليمن وانخفاض أسعار النفط والتوجه الجاد نحو تقليل الاعتماد على النفط، وهو مايعني التخلي عن سياسة اقتصادية شكلت نهجا للمملكة لفترة طويلة من عمرها، إلى رؤية آخرى ممثلة في التحول الوطني ورؤية 2030 بكل ماتحمله من تحديات وماتحتاجة من تغييرات وتحديث للنظم وإعادة هيكلة القطاعات وأستحداث هيئات ووزارات ومايصحب هذه التغييرات من معوقات جمة وماتستلزمه من صبر وتضحيات ورغم كل هذه المعطيات أثبتت المملكة أنها قادرة على تجاوز واقعها بثقة وهدوء وثبات.