أكد ملك الأردن عبدالله الثاني أنّ مواجهة تنظيم داعش يعد حربا ضد أيديولوجية توسعية تتغذى على الكراهية، وترتكب القتل باسم الله تعالى والدين لتبرير شرور لا يقبل بها أي دين. وأوضح في خطاب ألقاه أمام البرلمان الأوروبي في مدينة ستراسبورغ ،الثلاثاء، أنها بلا شك حرب ضد إرهابيين ينتهكون قيم الإسلام والإنسانية، مؤكدًا "ستستمر معركتنا معهم لأننا، ومعنا دول عربية وإسلامية، لا ندافع فقط عن شعوبنا، بل عن ديننا الحنيف. فهذه معركة على الدول الإسلامية تصدرها أولا، فهي – قبل كل شيء – حرب الإسلام. وأضاف "علينا أن نرى تهديد التطرف على حقيقته، فهو تهديد عالمي، وأثره لا ينحصر في سوريا والعراق فقط، إذ طال عدوانه ليبيا واليمن وسيناء ومالي ونيجيريا والقرن الإفريقي وآسيا والأميركيتين واستراليا وأوروبا. وشبة ملك الأردن الحرب ضد داعش بالحرب التي ضربت أوروبا في أواخر الثلاثينيات، والحرب العالمية التي تلتها، والتي أشعلتها أيديولوجية عدوانية توسعية، قائمة على الكراهية وازدراء الإنسانية. فأصبحت الحرب في أوروبا وقتها حرب العالم كله. وتابع "بات انتصارنا يعتمد على وحدتنا، فدور أوروبا حيوي في حسم هذا الصراع، ولا سبيل إلا التعاون فيما بيننا لسد منافذ الدعم للإرهابيين وإحباط وهزيمة مخططاتهم الشريرة" وبين أنّ هذه التحديات تكتسب أهمية خاصة، حيث يواجه عالمنا عدوانا من إرهابيين يحملون أطماعاً لا تعرف أي رحمة، ليس دافعهم الإيمان، بل شهوة السلطة، اذ يسعون إليها عبر تمزيق البلدان والمجتمعات بإشعال النزاعات الطائفية، والإمعان بإنزال الأذى والمعاناة بالعالم أجمع”. وشدد عبدالله الثاني على ضرورة تعزيز مصادر القوة التي تجمع الدول العربية بأوروبا وفي مقدمتها الاحترام ، وأن نزرع في شبابنا القيم التي ترفض العنف وتصنع السلام وتبني المجتمع الذي يحتضن الجميع بلا تفرقة. وتناول ملك الأردن ثلاثة مجالات أساسية، أولها التواصل الحقيقي وذو الأثر الإيجابي، بين الأديان وإشراك الناس في هذا الجهد مشيرًا الي ان التعدي على الآخرين وعزلهم وإهانة الشعوب وأديانها ومعتقداتها وشعورها الديني، فهي انتكاسة للمجتمعات. وأكد أن أوروبا شريكا هاما في هذا المسعى، لاسيما في المساعدة على محاصرة ظاهرة الخوف من الإسلام المتنامية عالميا، وهي ظاهرة هدّامة تتغذى على الأفكار المغلوطة، وتخدم غايات المتطرفين وأهدافهم. واكمل "علينا أن نتذكر أنه وقبل أكثر من ألف سنة على اتفاقيات جنيف، كان الجنود المسلمون يؤمرون بألا يقتلوا طفلا أو امرأة، أو شيخاً طاعنا في السن، وألا يقطعوا شجرة، وألا يؤذوا راهبا، وألا يمسوا كنيسة. وهذه هي قيم الإسلام التي تربينا عليها وتعلمناها صغارا في المدرسة، وهي ألا تدنس أماكن العبادة من مساجد، وكنائس، ومعابد، وهذا ما يعنيه أن يكون المرء مسلما. واليوم نتذكر أيضا أن للمسلمين دورا حاسما في إرساء التفاهم والتسامح العالمي. وديننا، كما هو دينكم، يأمر بالرحمة والسلام والتسامح. وديننا، كما هو دينكم أيضاً، يأمر بحفظ كرامة كل إنسان بلا استثناء، من رجال ونساء وجيران وغرباء. أما أولئك الخوارج من الإرهابيين الخارجين عن تعاليم الإسلام، والذين ينكرون هذه الثوابت فهم مجرد نقطة في بحر المؤمنين، المكوّن من 6ر1 مليار مسلم في مختلف أنحاء العالم. وفي الواقع، فإن هؤلاء الإرهابيين قد جعلوا من المسلمين في العالم هدفهم الأول، لكننا لن نسمح لهم باختطاف ديننا الحنيف. وتناول ملك الاردن اهمية السلم والوئام العالميين حيث يشكلان منظومة دولية تكفل الحقوق والاحترام لجميع الشعوب، ودعا إلى بناء الأمل لافتًا أنّ التطرف يتغذى على انعدام الأمن الاقتصادي والإقصاء، ومن أجل إيجاد مزيد من الشركاء في بناء السلام العالمي، تحتاج الشعوب إلى فرص لتحقيق إمكاناتها وبناء حياة كريمة. فتمكين الناس أقوى رسالة تعبر عن الاحترام. واختتم بقوله : دعمكم رسالة ليس فقط لشعبي الأردني، بل لجميع المؤمنين ببناء المستقبل عبر نهج السلام والاعتدال، ومفادها أن أوروبا معكم. فلا يمكن لمنطقتينا وشعوبنا أن تحظى بشركاء وجيران أفضل مما يمكننا أن نوفره لبعضنا البعض. إن التاريخ والجغرافيا والمستقبل المشترك يربطنا. ولن ندع أحدا يفرق بيننا. ومعا يمكننا بناء ركائز الاحترام المتبادل التي من شأنها ضمان المنفعة المشتركة للأجيال القادمة. وحضر الخطاب رئيس مجلس الأعيان، ورئيس مجلس النواب، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب جلالة الملك، والسفيران الأردنيان في باريس وبروكسل.